العلاقات التي نريد

قضايا عربية ودولية 2020/06/07
...

سالم مشكور
المفاوضات العراقية الأميركية ستجري، أو بالأحرى ستبدأ، وربما تستمرُ لبعضِ الوقتِ. هي ضروريةٌ لتوضيح أسس وتفاصيل العلاقة بين البلدين، رئيس الحكومة السابقة السيد عادل عبد المهدي كان قد طلب اجراء مباحثات حول خروج القوات الأميركية من العراق بعد قرار البرلمان بهذا الشأن، لكن الجانب الأميركي ردّ بانه مستعد للتفاوض حول مستقبل العلاقة وليس الانسحاب. توقيت المفاوضات الان يثير شكوكاً حول فاعليتها، فالحكومة العراقية جديدة ولا يكفي عمرها القصير لإعداد ملفات المفاوضات بالشكل الكافي، وهي كبيرة وشائكة. موقفنا الداخلي غير محسوم بخصوص العلاقات مع الولايات المتحدة، وهذا ما يضعف موقف العراق في هذه المحادثات. لا يكفي أن يكون موقف الحكومة محسوماً ومؤمناً بالحاجة الى علاقات جيدة مع الجانب الأميركي، فتعقيدات الوضع الداخلي قد تشكل عائقاً أم أي اتفاق مع الجانب الأميركي. نحتاج الى حوار وطني صريح ومنطقي بعيداً عن الشعارات العاطفية. نحتاج الى طرح أسئلة صريحة: أين تكمن مصلحتنا؟ هل ان العداء مع أميركا يخدم بلدنا؟ هل العداء مع ايران يخدم بلدنا؟ هل نستطيع الإبقاء على علاقات جيدة مع كلا الطرفين؟ ما هي فرص البقاء على الحياد وكيف يمكننا اقناع الطرفين بإبعاد صراعهما عن أرضنا؟
قاعدة الحوار الوطني يجب أن ترتكز على مصلحة العراق، وليس فئة منه، أو دولة حليفة أو صديقة. الخلاف بين الأطراف الخارجية لا يدوم، والدول الكبيرة، وبينها أميركا وايران تتصرف وفق منطق المصالح وليس العواطف. هذا ما قاله الرئيس الإيراني حسن روحاني بعد توقيع الاتفاق النووي مع الدول الست. 
واضح أن الحوار مع الجانب الأميركي لن يكون عراقيا اميركا مجرّداً بل سيشمل ملفات إقليمية ذات صلة بالعراق. الجانب الأميركي يريده حواراً حول العلاقات الثنائية، وعلينا أن نطالبه أيضا بأن لا تقتصر العلاقات على الامن والقواعد فقط، انما يريد العراق أن يرى أميركا الاقتصاد والكهرباء والصحة والعلوم تغيّر من واقعه كي تساعد في بلورة مزاج عام متقبّل لها. فلم يرَ العراقيون مرفقاً خدمياً ولا صرحاً طبيّاً أوعلمياً شيدته أميركا في العراق رغم انفاقها عشرات المليارات كما تقول.
بالمقابل لدى أميركا شركات كبرى تسعى الى عقود في العراق يمكن أن تكون في مصلحة العراق أيضاً، فكل المجالات عندنا تحتاج الى تطوير. إن خلق مصالح للاخرين عندنا يجعل أمننا ووجودنا مصلحة لهم أيضاً. ينطبق هذا على كل الدول الجارة وغيرها.
الأساس أن نتحرك بموقف قوي يقوم على المصالح المتبادلة كيف تثمر هذه المفاوضات.