نطمس {سبايكر» وأخواتها

العراق 2020/06/14
...

‎سالم مشكور
 
معَ ذكراها في كل عام، نجدد قتل ضحايا مجزرة سبايكر، بتجاهلنا لها وصمتنا المتناسي لضحاياها، فتمر الذكرى من دون اكتراث الرسميين، ولا تحظى سوى بإعادة نشر لقطات من تلك الجريمة المروّعة، على وسائل التواصل الاجتماعي، وتسجيل للسياسي مشعان الجبوري، الذي يشير فيه الى هوية القتلة وأسباب طمس تلك الجريمة. ليس مستغرباً أن يطمسها سياسيون ينتمون الى القتلة، لكن المؤلم عندما يتجاهلها من يدعي محاربة الإرهاب ومقاومة النفوذ الخارجي في العراق.
ليست هذه هي المجزرة الأولى التي نتجاهلها، قبل ذلك كانت أقبية المخابرات إبّان النظام السابق مسرحاً لجرائم مروعة تكشفت تفاصيلها بعد السقوط، وروى بعضها ناجون منها قبل السقوط. أين التوثيق لتلك الجرائم؟ أين الاستثمار الإنساني والسياسي لها من أجل ألا تعود، ولكي يبقى المجرم مداناً مطأطأ الرأس؟. ما حدث كان على العكس تماماً، طمسنا تلك الجرائم، وسكتنا عن المجرمين، بل أدخلنا بعضهم في أحزاب تدعي المظلومية سابقاً، ووفرّنا لآخرين رواتب تقاعدية مجزية جداً تصلهم حيث يقيمون ويتآمرون على النظام الجديد، بينما انخرط كثير منهم في حركات تمثل جهاتٍ شريكة في الحكم الى جانب الضحايا، وبتنا نخجل من الإشارة الى معاناتنا السابقة لئلّا نجرح مشاعرهم، لقد تمكن جناة الامس من اقناع الرعاع بان ضحايا الأمس هم المدانون، وأن الحديث عن تلك الجرائم هو عيش في الماضي و...الخ.
بعد مجزرة سبايكر تحدثت وكتبت كثيرا عن ضرورة تخليد ذكرى المجزرة، دعوت الى دفن جثامينهم في مقبرة واحدة على أرض في بغداد تخصص لهذا الغرض، قلت إن الرصيف الدامي الذي كان مذبح الضحايا، سيندثر، نعم سيندثر وستمحى آثار الدماء منه، ولن يتحول الى مزار سوى لفترة محدودة، كان لا بد من رفعه ونقله الى بغداد لتحويله الى نصب يخلّد هذه المجزرة، يوضع في مقبرة سبايكر في بغداد محميا من عوامل الطقس لئلا يفقد معالمه. يتحول النصب الحيّ ومعه المقبرة الى مزار يقصده كل زائر رسمي للعراق، هكذا تخلّد الامم ضحاياها، هكذا نقول للعالم ان التواطؤ الاقليمي والدولي قتل هؤلاء كما قتل عشرات الآلاف غيرهم، ليتنا نتعلم من اليهود كيف استخدموا أفران الغاز ورقة في كسب دعم العالم وإشعاره بالمديونية لهم، ودفعه الى اصدار تشريعات تجرّم حتى التشكيك في تلك الجريمة.