تجربة العمل المنزلي تستهوي الأفراد والشركات

ريبورتاج 2020/06/21
...

بغداد / فجر محمد
تقضي ميس فاضل ساعات متواصلة أمام شاشة الكومبيوتر، لكي تكون على تواصل مع الشركة الهندسية التي تعمل فيها، إذ بينت: أن أغلب الشركات والمكاتب لجأت الى التواصل مع موظفيها عبرالانترنت بعد أن توقفت أغلب الأعمال العامة والخاصة بسبب انتشار وباء كورونا، تقول ميس: في بداية جائحة كورونا شعر الكثير من الموظفين بالقلق والخوف من فقدان وظائفهم، ولكن الشركة التي أعمل فيها قررت أن يكون العمل من المنزل أسوة بالكثير من القطاعات، لقد كان هذا الامر يشكل تحديا في البداية بسبب خدمة الانترنت التي غالبا ماتكون ضعيفة وصولا الى طريقة تنظيم الوقت.
ولكن مع استمرار العمل وجدنا انه مثمر أكثر من السابق، 
وقلّتْ فرص ضياع الوقت كما كان الامر في العمل المكتبي، واضافت: عملت أنا وعدد من الزملاء على التواصل المستمر عبر 
وسائل الاتصال المتعددة ومواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن الاطلاع على التقارير والبحوث والدراسات في المجال الهندسي الذي نعمل به مما منحنا 
خبرة أكثر ومعلومات وبيانات سنستفيد منها لاحقا بشكل كبير بعد عودة الحياة الى طبيعتها.
 
طرق عمل مستحدثة
أفادت التقارير الإعلامية أن الكثير من الشركات الرصينة منذ بداية أزمة كورونا ألزمت موظفيها بالعمل عن بعد حفاظا 
على سلامتهم، واتبعت شركات مثل (كوكل، ومايكروسوفت، وابل) هذا المبدأ وفرضته على 
العاملين لديها، وبينت التقارير ان الأرباح الاقتصادية مازالت مستمرة لهذه الشركات بالرغم من الخسائر التي سجلتها في بداية ظهور الجائحة. كما أن شركة «تويتر»  أعطت لموظفيها الضوء الأخضر للعمل من منازلهم ومن المتوقع استمرار العمل عن بعد حتى بعد انتهاء الجائحة، باستثناء 
بعض الوظائف الأخرى التي يتطلب القيام بها تواجد الموظفين في المكاتب.
 
خدمات ألكترونيَّة
بعض المصارف العالمية الكبرى 
هي الأخرى سمحت لموظفيها بالعمل من المنزل مع الحديث عن إمكانية الاعتماد على العمل 
عن بعد في بعض الوظائف بالمستقبل.
كما بينت الدراسات أن 
مصممي المواقع الالكترونية وتطبيقات الهاتف الجوال حافظوا على وظائفهم ومستوياتهم الناجحة بالرغم من التوقف الاجباري للعمل أثناء جائحة كورونا.
   استثمار ومقترحات
 مدربو التنمية البشرية والذاتية أجمعوا على إمكانية نجاح العمل داخل المنزل، إذ شوهد 
الكثير من السياسيين والإعلاميين والمهندسين حول العالم وهم يؤدون أعمالهم ويجرون اجتماعاتهم عبر الانترنت مما يدل على نجاح التجربة، ولكن المخاوف التي يشعر بها هؤلاء المدربون تكمن في امكانية ضياع الوقت 
وعدم استثماره بشكل صحيح، فضلا عن استنزاف طاقة العاملين بحجة العمل المريح من داخل المنزل، فضلا عن زوال الضغوطات التي كان يتعرض لها العاملون في وظائفهم، لذلك اقترح 
مدربو التنمية البشرية أن تكون هناك 
جدولة للأعمال وتنظيم 
للأوقات، والاتفاق مع أرباب العمل على ساعات محددة لإنجاز المتعلقات وكل ما يتصل 
بالوظيفة، لذلك أعدت المؤسسات والشركات الرصينة جداول عمل لموظيفها، فمنها من حددت 
ساعات الصباح الباكر، وأخرى اختارت أوقات الظهيرة لاسيما للأعمال التي تحتاج الى التحديث المستمر والاطلاع على الأخبار والمعلومات وكل ماينشر في مجال المهنة.
     
تغييرات
الأكاديمي في الجامعة المستنصرية الدكتور فالح الزبيدي بيَّنَ:  أن العالم بعد انتهاء جائحة كورونا لن يكون كما في السابق وسيختلف بشكل كبير جدا، وهذا سينعكس على عمل الكثير من الشركات التي فرضت العمل من داخل 
المنزل على العاملين، وقيموا نسب النجاح والأرباح التي حققوها خلال فترة الحظر الصحي الذي فرضته أغلب دول العالم على سكانها، ولاحظ الخبراء والمختصون أن بعض الأعمال ازدهرت بشكل واضح منها المشاريع الصغيرة والمتوسطة، كالخياطة والحياكة، فضلا عن القطاعات الغذائية والزراعية، وأضاف الزبيدي: لو 
كان هناك استغلال صحيح واستثمار حقيقي للزراعة مثلا لكان من الممكن أن نشهد وفرة بالناتج المحلي في الأسواق، وهذا الامر يوفر ملايين الدولارات التي تصرف على الاستيراد، لاسيما أن أغلب المزارعين استمروا في الانتاج خلال فترة الجائحة ومازالوا مستمرين. 
وبيّنَ الزبيدي وجود بعض القطاعات التي عملت من دون انقطاع وحققت النجاح، ومنها الوظائف الادارية والشركات الرصينة،  وظهر التنافس على العمل عن بعد من قبل العاملين، ورغبتهم بتحقيق النجاح، فالكثير من المهندسين ومصممي برامج الكومبيوتر فضلا عن بعض معدي البرامج التلفزيونية والإعلامية فضلوا العمل من منازلهم. مستبعدا مخاوف الكثيرين من امكانية فقدان وظائفهم مستقبلا نظرا لتحقيق العمل بالمنزل أرباحا ونجاحات كثيرة، فضلا عن رخص وسهولة هذه الآلية ولكن على غرار التجارب السابقة التي عاشتها دول العالم بقيت الكثير من الوظائف تحافظ على مستواها، فعلى سبيل المثال عندما ظهر الروبوت لم يلغِ وجود الإنسان بل صار هو المشغل الأساسي والمبرمج له.
 
مساعدات حكوميَّة
على الرغم من ازدهار بعض المهن في ظل وباء كورونا والحظر الصحي، إلّا أن هناك متضررين عانوا من العوز؛ لذلك وزعت الجهات المختصة في الدولة منحة الطوارئ التي استهدفت بها الأسر الفقيرة والكسبة ممن يعتاشون على قوت رزقهم اليومي، المتحدث الرسمي باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي قال: عملت  وزارة التخطيط وفق آلية التدقيق ببيانات المتقدمين لمنحة الطوارئ التي أقرت للمحتاجين خلال ظهور جائحة كورونا وفرض الحظر الصحي، اذ عملت الوزارة على تدقيق الأسماء والبيانات بشكل مستمر، حرصا منها على وصول المنح المالية لمن يحتاجها فعلا”. 
 
مشغولات يدويَّة
 العشرينية آية مجيد المتخرجة في معهد الفنون الجميلة منذ ثلاث سنوات، قامت بصناعة بعض القلادات والبروشات النسائية، اذ تضع أمامها أنواعا مختلفة من الخرز والأحجار الكريمة الصغيرة وأدوات أخرى تتعلق بأعمالها اليدوية، تقول آية: على الرغم من اضطراري لغلق مشغلي الصغير الذي يقع في إحدى أحياء بغداد، إلا أنني بقيت متواصلة مع زبائني من دون انقطاع في فترة الحظر خلال جائحة كورونا، وبدأ الطلب يتزايد على المشغولات اليدوية أكثر، ففي بداية الأزمة أدت مخاوفي من عدم إمكانية تسويق أعمالي الى توقف العمل بصورة تامة، ولكن نجحت في التواصل مع زبائني.
   
إعداد الأطعمة
 آية عصام المتخرجة منذ عشرة سنوات تعمل برفقة زوجها على انشاء مشروع صغير، يتضمن بيع أكلات وأطعمة المطبخ العراقي الشهيرة، قالت: لم نعثر على فرصة عمل، لذلك قررنا القيام بمشروع صغير للأطعمة التي يحبها العراقيون كالدولمة والبرياني وأنواع المرق الأخرى، ولكن عندما ظهر وباء كورونا وبعد إغلاق المحال والمطاعم انتابنا القلق أنا وزوجي من 
امكانية خسارة مشروعنا الصغير، لكن لحسن الحظ بقينا على تواصل مع زبائننا من خلال خدمات التوصيل مع اتخاذ الاحتياطات والتدابير الوقائية الخاصة بجائحة كورونا.