محمد صادق جراد
تواصل تركيا خرق السيادة العراقية ومخالب النسر التركي تمزق أمن المواطن العراقي في القرى الحدودية في إقليم كردستان العراق، الذي دائما ما يدفع ثمن التدخلات التركية والصراعات الإقليمية، وكما في كل مرة نجد أن عناصر حزب العمال الكردستاني دائما ما تكون مسمار جحا.
لقد اعتاد العراقيون على مضض الخروقات التركية إلا أن هذه المرة كان الاعتداء أكثر عمقا، إذ استخدم الجيش التركي الطائرات والمدفعية وقام بقصف القرى في الشريط الحدودي فتسبب في موجة نزوح لسكان تلك القرى، الأمر الذي يضع الجميع أمام ضرورة الدفاع عن حقوق المواطن العراقي ووضع حد لتلك الخروقات عبر تدويل القضية ووضع اتفاقيات جديدة تجبر تركيا على احترام المواثيق الدولية والمعاهدات بين البلدين.
وعندما نتحدث عن الخروقات التركية تجاه العراق، فيمكننا ان نقول بأنها انطلقت ضد هذا البلد وتجربته الديمقراطية منذ سقوط الصنم في 2003، إذ وقفت الحكومة التركية ضد التجربة الديمقراطية وجعلت من أراضيها ممرا للإرهاب المقبل الى العراق من مختلف دول العالم وعملت على تضييف المؤتمرات الطائفية التي كانت تعمل على إثارة الفتنة الطائفية في البلاد واستضافت على أرضها العديد من المجرمين الذين تلطخت أياديهم بدماء الشعب العراقي. هذا من جانب ومن جانب آخر قام اردوغان بتجاوز القوانين الدولية عبر دعوته لبرلمان بلاده بتمديد الاتفاقية الموقعة مع العراق منذ العام 1995، التي تسمح للقوات التركية بملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني المعارض داخل الأراضي العراقية من دون أخذ موافقة البرلمان العراقي والحكومة العراقية. ومن الجدير بالذكر هنا أن العراق كان قد تعامل مع ملف العلاقات الخارجية بالكثير من الحرص على بناء علاقات مع جميع الدول مبنية على أساس احترام الآخر وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وحرصت الحكومة العراقية على إعطاء تركيا فرصة في ملف البناء والإعمار ولتحقيق تبادل تجاري كبير مع العراق بما يسهم في ارتقاء العلاقات الاقتصادية بين البلدين الى أعلى مستويات لها عبر العقود الماضية ليصل حجم التبادل التجاري الى عشرات المليارات من الدولارات بما يخدم الاقتصاد التركي، وبالرغم من هذا نجد أن اردوغان لم يكن حريصا على العلاقة الاقتصادية المتطورة مع العراق، ويبدو أن رغبته في التدخل في الشأن العراقي أكبر من حرصه على مصالح الشعب التركي. ومن هنا يعتقد البعض من السياسيين العراقيين لا سيما المختصين في مجال الاقتصاد بضرورة استخدام الورقة الاقتصادية للضغط على أنقرة لوقف تدخلاتها السافرة في الشأن العراقي فضلا عن ضرورة رد برلماني يعكس الرفض الشعبي لهذه التجاوزات.
الرسالة التي نريد أن تصل الى اردوغان هي ان العراقيين يفتخرون بسيادتهم الوطنية ويرفضون أي تدخل خارجي وعلى تركيا أن تعيد النظر بسياستها تجاه العراق والتي قد تؤثر سلبا على العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية.