زهير كاظم عبود
ضمن الأولويات التي حددها المنهاج الوزاري لحكومة السيد الكاظمي في الفقرة الخامسة مكافحة الفساد والإصلاح الإداري، وهي خطوة مهمة وملحة تعادل محاربة الإرهاب، المساندة الشعبية للخطوات التي يتخذها السيد رئيس الوزراء في هذا المجال تشكل رصانة وخطوة عملية في المكافحة والتصدي للفساد، ونحن بلاشك نشكو جميعا من تغلغل الفساد في مفاصل الدولة العراقية، وطيلة الفترات السابقة لم نلمس خطوات أو قرارات أو أفعال جدية تحارب الفساد فعلا، وتحقق في مفاصل الخراب الذي صار إليه الجهاز الإداري الذي بدأ يتراجع خطوات كبيرة إلى الوراء بدلا من أن يجد وسائل وبدائل يتخطى بها الأساليب والوسائل البدائية والمتخلفة التي تفرض نفسها على التعامل في أروقة الدوائر الرسمية، ويعاني منها المواطن العراقي بقسوة.
وندرك جيدا أن العراق يطمح إلى اعتماد ستراتيجية وطنية مستمرة في مكافحة الفساد، وفق أسس وخطط ثابتة وبعيدة المدى من اجل ضمان بناء مجتمع تسوده العدالة ويحكمه القانون، وهذه الأسس والمعايير لن تكون بمعزل عن مشاركة المواطن صاحب المصلحة الحقيقية في هذه الستراتيجية، فضلا عن مشاركة فاعلة من منظمات المجتمع المدني.
مثل هذه الستراتيجية لن تتمكن الدوائر المعنية أو اللجان المكلفة من تحقيقها وتنفيذها، ولن تتمكن أيضا الحكومة وحدها من تنفيذها مالم تتقدم هذه الستراتيجية خطوات شجاعة، وتشخيص وطني وتعمق بالتحقيقات لنلمس فعلا لا قولا، خطوات وقرارات بعيدة عن الوعود، وتقترن عملية التنفيذ بمشاركة شعبية فعالة وتعاون وطني، من خلال التعاون والتنسيق ونشر الثقافة القانونية، ومن خلال دعم الظواهر الايجابية وتشخيص السلبيات منها، ومن خلال تحديد معوقات خطط تنفيذ الستراتيجية، ووسائل التنفيذ وتحديد المسؤوليات والبرامج الممكنة التي تعكس لنا ناتجاومؤشرا إيجابيا، يدلل على الشروع بعملية تطوير مكافحة الفساد وتقليص أنشطته ومكامنه، وتغليب المبادرات التي تعكس الوجه الايجابي للنزاهة في السلوك الوظيفي.
الشعب يتطلع إلى قرارات مجلس الوزراء والى استيعاب مجلس القضاء الأعلى وقضاته البواسل في دورهم الفعال في التصدي لهذه الصفحة، بحيث أن كل الخطوات محسوبة وتترقبها الناس، حتى يمكن ألا نوقف هدر المال العام فحسب، بل نحصنه ونحاسب من يريد أن يمد يده دون وجه أو سبب قانوني، ونحاكم الفاسد بخطوات منها منع سفره وتقييد حريته وملاحقته وحجز الأموال وإجراء التحقيقات العادلة والسريعة، وحماية الشهود والضحايا، وحماية المخبرين وتوفير فريق تنفيذي أمين وفعال لتنفيذ القرارات القضائية، فضلا عن أهمية نشر الوعي القانوني المجتمعي بأمانة وإخلاص يتطلبها الوضع الحالي.
نحن بحاجة ملحة لانتفاضة ضد الفاسدين الذين سرقوا المال العام وأسهموا بالخراب الاقتصادي والاجتماعي، واستمروا لا يردعهم قانون ولا قرارات، ولم يشبعوا من المال السحت، موغلين بهذه السرقات والاختلاسات وخطوات الاحتيال، واثقين من أن كل التهديدات التي يطلقها بعض من المسؤولين بقصد ذر الرماد في العيون، وألّا رقيب ولا قضاء ولامسؤول ولامن يعز عليه العراق يمكن أن يحاسبهم.
وعلينا أن نعلم جميعا أيضا أن مثل هذه الخطوات والقرارات لايمكن للحكومة وحدها ان تقوم بها، مالم تجد المساندة الشعبية والسياسية والتشريعية حتى يمكن أن نعيد للعراق وجهه الناصع. هذهالمساندة تتطلب الدعم المادي والمعنوي، والابتعاد عن التشكيك والمساهمة في نشرالشائعات، وإزاء الخطوات التي تتخذها الحكومة في ظل أوضاع دقيقة وغاية في الصعوبة من جميع النواحي، تبرز فيها همة الغيورين على مصلحة العراق ومستقبل شعب العراق.
لتكن الخطوات التي أطلقتها الحكومة بداية الضوء الذي ينير معالم الطريق المظلم، فنحن بحاجة ماسة لمثل هذا الضوء، مثلما نحن بحاجة ماسة لتوثيق الثقة والعلاقة بين الشعب والحكومة، والعراق اليوم بظروف معقدة تواجه الحكومة خلالها ملفات متشابكة ومتعددة تتطلب منها المواجهة الجادة، وستنبري الجهات التي تضررت بالتشكيك واطلاق الاتهامات، إلا أن المخلصين من أبناء هذا العراق سيواجهون تلك الصفحات بمواقف نابعة من محبة العراق والحرص على مستقبل شعبه.