في الوقت الذي يطبق الناس اجراءات التباعد الاجتماعي بسبب كوفيد - 19 يتحدث كثيرون عن كيفية تأقلم اطفالهم.
لكن القليل منهم تحدث عن المراهقين
الذين فاتتهم مراحل مهمة كفصول الدراسة النهائية ومواسم الرياضة وحفلات
التخرج، ومنعهم من القيام بما هو في
الاساس عملهم طوال الوقت مثل
استكشافهم للعالم والشروع بتحديد شخصيتهم.
ويوضح الاستطلاع الذي صدر مؤخرا لمحة تمهيدية عن حصيلة تأثير جميع تلك التغييرات في سلامة الصحة النفسية للمراهقين، ويثير انذارا مبكرا.
ومن بين ما يقارب 1500 مراهق شاركوا في الاستطلاع الذي اجراه هاريس بول نيابة عن المجلس الوطني لمنظمة(4-H ) في اذار الماضي، اوضح سبعة من كل عشرة مراهقين انهم يعانون من سلامة صحتهم النفسية بطريقة ما.
وبيّن اكثر من نصفهم انهم عانوا من القلق، و45 بالمئة منهم شعروا بزيادة في التوتر، بينما 43 بالمئة منهم حددوا انهم سيعانون من الاكتئاب.
ورغم ان هذه البيانات ليست متطابقة بأي حال من الأحوال، لكن بالنسبة لبعض سياق الكلام، فان 12 بالمئة من المراهقين الاميركان يواجهون معايير تشخيص الاصابة بالاكتئاب، وما يقارب 30 بالمئة منهم عموما يواجهون معايير تشخيص اصابتهم بالرهاب الاجتماعي عند بلوغهم سن الثامنة عشرة.
نتائج مقلقة
وذكرت رئيسة منظمة(4-H) والمديرة التنفيذية لها جنيفر سيرانجيلو لموقع هافينغتون بوست ان: “من الواضح لنا اعتمادا على نتائج الاستطلاع ان كوفيد -19 له قابلية قياس التأثير السلبي في الصحة النفسية للمراهقين، فعلى سبيل المثال اوضح 61 بالمئة من المراهقين ان الجائحة زادت من شعورهم بالوحدة”.
ويقول استاذ علم النفس بجامعة روزفلت في شيكاغو (ستيفن مايرز) محذرا: “تعكس هذه المعلومة عرضا سريعا للاكتئاب اكثر من التشخيص الطبي الذي يقدمه مختصو الصحة العقلية”.
مضيفا: “تشير النتائج بالفعل الى تزايد التوتر والاضطرابات النفسية، وعلى نحو مشابه لكثير من معاناة البالغين”. مثلا وجد الاستطلاع الذي اجراه مؤخرا جونز هوبكنز في نيسان الماضي لمقارنة ما شعر به البالغون في الوقت ذاته عام 2018 قفزة في النسبة المئوية الى ثلاثة اضعاف لمعاناة البالغين من اعراض التوتر النفسي.
لذلك ما الذي يمكن أن يفعله الوالدان لمساعدة ابنائهم المراهقين لمواصلة اجتياز هذا الوضع الصعب، والذي على ما يبدو لن ينتهي في وقت قريب؟.
ومن النتائج الملحوظة في هذا الاستطلاع ان المراهقين ذكروا بانهم يمضون ما لا يقل عن تسع ساعات يوميا في استخدام هواتفهم خلال الجائحة، اي بزيادة لا تقل عن ثلاث ساعات في اليوم.
لم يُثبت الاستطلاع بل لا يمكنه تحديد السبب والتأثير، لكن الخبراء يؤكدون انه من المنطقي بالتاكيد التوقع بان مجمل وقت كل تلك الساعات يمكن ان يفاقم من مشاعر المراهقين. كما قال احد المشاركين في الاستطلاع: “لقد كان فيروس كورونا مربكا والتواجد على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن ان يكون اكثر من اللازم بالنسبة لي احيانا”.
وغالبا ما يُطلب من المراهقين استخدام اجهزتهم لحد معين معظم اليوم للمشاركة في التعليم عن بعد. وقد يكون مواصلة ذلك امرا جيدا خلال معظم العام الدراسي المقبل. لذا يؤكد مايرز ان الشيء الوحيد الذي يجب على الوالدين مراعاته هو ان الوقت الذي يمضيانه بدون هواتفهما مع اولادهما من المراهقين مهم فعلا.
دور الوالدين
يقول مايرز: «بالرغم من ذلك فان الكثير من المراهقين ربما يستخدمون هواتفهم معظم اليوم للدراسة او الترفيه فمن المهم قضاء بعض الوقت معهم، هذه التفاعلات مهمة لتعزيز التواصل وخلق الروتين، كما يوفر تفاعلا شخصيا قد لا يحدث بطريقة اخرى».
ويؤكد مايرز انه من المهم ايضا تواصل الوالدين مع اطفالهما مباشرة والا يُحرجوا من طرح الاسئلة الصعبة. أسألوا عن ما يشعرون به وما يعانون منه. وربما الإفصاح عن عواطفكم الخاصة قد يؤدي الى بدء المحادثة. ويشير الاستطلاع الى ان المراهقين متعطشون لهكذا نوع من التحاور. فقد اوضح 80 بالمئة تقريبا من المراهقين ان الاضطرابات النفسية هي مسألة رئيسة يواجهها المراهقون اليوم. وفي الوقت ذاته ذكر ما يقارب من 80 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع انهم لا يشعرون بالراحة عند طلب المساعدة.
لكن بالرغم من مجمل الصورة التي رسمتها هذه النظرة المبكرة لكيفية تأقلم المراهقين مع كوفيد – 19لكن هناك اسبابا تدعو للتفاؤل. ويسارع خبراء الصحة العقلية للاطفال عموما الى تحديد مدى مرونة معظم الاطفال عاطفيا، ووجد الاستطلاع شيئا مشابها، فما يقارب 70 بالمئة من المراهقين الذين شملهم الاستطلاع يعتبرون انفسهم مرنين.
تقول سيرانجيلو: «انها اشارة ايجابية بالتأكيد عندما يشعر الكثير من المراهقين بالثقة بقدراتهم على مواجهة مصاعب الحياة». كما يمكن للأهل إتخاذ عدة خطوات لتقوية قدرة اطفالهم على التراجع، كالتركيز على ما هو تحت سيطرتهم وخلق مساحة فعلية لهم للحديث عن عواطفهم.
وتضيف سيرانجيلو: «من المستحيل توقع كل سيناريو قد يواجهونه لكن يمكننا تزويدهم بمهارات لاجتياز هذا العالم المعقد. الاهم من ذلك ان المراهقين بحاجة لمعرفة انه لا بأس من طلب المساعدة».
عن موقع ياهو نيوز