تسابقٌ علمي لإنتاج لقاح فعال يقضي على «كورونا»

ريبورتاج 2020/06/30
...

بغداد/ فجر محمد
 
في الوقت الذي يهاجم فيروس كورونا سكان الكرة الارضية بكل شراسة، يسعى عدد من العلماء في دول مختلفة الى ايجاد لقاح فعال يقضي على هذا الوباء بشكل نهائي، لكن حتى هذه اللحظة لا يتوفر لقاح حقيقي وفعلي، فمازالت الانظار متوجهة صوب جامعة اوكسفورد البريطانية الرصينة، اذ يعمل علماؤها واساتذتها في المختبرات لايجاد مستحضرات بايولوجية توفر المناعة الحقيقية للجسم كي يحارب الجائحة ويقتلها في مكانها، وكذلك تسعى دول اخرى كثيرة لايجاد لقاح مضاد للفيروس.
رحلة اللقاح
في شهر ايار المنصرم اعلنت القنوات التلفازية والمواقع الالكترونية عن قرب ولادة لقاح قد يكون هو الاول من نوعه للقضاء على وباء كورونا، فقد أعلن الرئيس التنفيذي لشركة «أسترا زينيكا» باسكال سوريوت بان بريطانيا ستكون لها الأولوية لتوريد اللقاح المحتمل لوباء «كوفيد-19»، وأكد على أنه سيتم توزيع اللقاح بسعر التكلفة خلال فترة تفشي الوباء، وقال رئيس صناعة الأدوية إن العلماء سيعرفون بحلول يونيو أو يوليو ما إذا كان اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد الذي يتم تطويره في جامعة أكسفورد، سيعمل بشكل فعلي. وأوضح : سوريوت في تصريح لشبكة «سكاي نيوز» البريطانية، أن إنتاج اللقاح يجري بالفعل أثناء إجراء التجارب البشرية، مضيفا ان المجموعة البحثية في أكسفورد هي واحدة من أفضل الفرق في العالم، وهم يعملون بسرعة كبيرة ومن المتوقع ان تتوفر في الاشهر المقبلة معلومات اكثر عن فعالية وسلامة هذا اللقاح.
 
تجربة البرازيل
بعد ان غزا كورونا البرازيل بشكل مخيف، مخلفاً آلاف الضحايا بين مصابين ومتوفين قررت الجهات الصحية البرازيلية تجربة لقاح اكسفورد، وبينت التقارير الاعلامية ان التجارب ستعتمد على ألفي عامل صحة متطوع في ساو باولو وألف شخص في ريو دي جانيرو، وستجريها جامعة «ساو باولو» ومستشفى «ريدي دور» على التوالي، حسب ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.
ووافقت «هيئة الرقابة على الصحة البرازيلية (أنفيزا)» على التجارب السريرية على البشر للمصل المحتمل الذي طورته جامعة أكسفورد وترعاه «أسترا زينيكا»، في وقت سابق من شهر حزيران الحالي، والبرازيل التي ما زال المرض متفشياً فيها، هي أول دولة بعد بريطانيا تبدأ التجارب على المصل الذي طورته جامعة أكسفورد، ويتوقع الباحثون طرح المصل في نهاية العام وتوقعت مجموعة «أسترا زينيكا» الصيدلانية البريطانية في وقت سابق، صدور النتائج بشأن فاعلية لقاح تعمل عليه مع جامعة أكسفورد ضد فيروس «كورونا»، خلال شهر أيلول المقبل.
 
مستحضر أميركي
لم تقتصر الجهود على جامعة اكسفورد البريطانية لانتاج اللقاح الذي قد ينهي عمر الجائحة ، بل قدم مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية الدكتور أنتوني فاوتشي مؤخرا إيجازا للكونغرس الأميركي حول مستجدات فيروس كورونا واللقاح المضاد له، وفق وكالة أسوشيتد برس.
وقال مستشار البيت الأبيض إن لقاح فيروس كورونا يمكن أن يجهز بحلول نهاية العام الحالي أو مطلع 2021، وبشكل متواصل يقدم فاوتشي توضيحات حول اخر المستجدات المتعلقة بفيروس كورونا أمام لجنة بمجلس النواب، حيث يشارك فيها أيضا رئيس مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، ومدير إدارة الغذاء والدواء الأميركية، ومسؤول رفيع المستوى في وزارة الصحة والخدمات.
 
رسالة اطمئنان
 الوكالات الاخبارية تناقلت تصريحات عن تجمع علمي يعرف باسم (تحالف الاستعداد للأوبئة والابتكار) ومقره في مدينة اوسلو عاصمة النرويج ، اذ بعث رسائل لبث الطمأنينة في نفوس الناس و حدد مصانع أدوية لديها القدرة على إنتاج 4 مليارات جرعة لقاح محتمل مضاد لفيروس كورونا سنويا.
وأعلن جيمس روبنسون، وهو مسؤول تنفيذي في الصيدلة الحيوية منذ فترة طويلة وأكبر خبير في التحالف، أنه يعتزم اختيار مصنعين أو ثلاثة لتصنيع كل لقاح.
وقال روبنسون في تصريحات حصرية لوكالة «رويترز»: «في الوقت الحالي، نعرف أنه في مقدورنا إنتاج ملياري جرعة نحددها كنوع من الحد الأدنى لما نستهدفه»، وقال إن التحالف يعتزم أن يكون لديه ما بين 8 إلى 10 مواقع توزيع إقليمية «كي لا نضطر إلى عمل كل شيء مركزيا ثم محاولة شحنه حول العالم».
ورغم عدم حصول أي لقاح على الموافقة بعد، فإن لدى التحالف بالفعل قائمة طلبات لسلسلة التصنيع والإمداد لضمان توزيع اللقاحات ضد فيروس كورونا بالتساوي في أنحاء العالم، ومن الجدير بالذكر ان هذا التحالف العلمي يلقى دعما من 14 دولة، فضلا عن مؤسسات بيل وميليندا وغيتس ومجموعة شركات ويلكوم البريطانية.
ويشار الى ان هذا التجمع العلمي قد استثمر 829 مليون دولار إلى الآن للأبحاث على لقاح لفيروس كورونا، من خلال اتفاقيات شراكة مع مطورين على أمل أن ينجح بعضها، ونقلا عن تصريحه قال روبنسون: «معظم الناس لا يصدقون أن 4 مليارات جرعة أمر ممكن، وأنا أرى أنه ممكن»، وأضاف مستشار التصنيع لدى التحالف الذي عمل لدى بعض كبرى الشركات العالمية المنتجة للقاحات، أنه قد تم وضع خطة التصنيع استنادا إلى قدرات المصنعين والاحتياجات المحددة من اللقاحات المختلفة.
 
تجارب في الامارات
الجهات الصحية في دولة الإمارات اعلنت مؤخرا عن بدء المرحلة الأولى للتجارب السريرية الثالثة للقاح محتمل لفيروس كورونا المستجد ، وبينت التقارير الاعلامية ان هذا الاعلان جاء عقب اجتماع عقد عبر تقنية الاتصال المرئي بين ممثلين عن الهيئات الصحية في الإمارات والصين تم على اثره توقيع اتفاقية تعاون بين «تشاينا ناشونال بيوتك كروب» الصينية ومجموعة «جي 42» الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، التي تتخذ من أبو ظبي مقرا لها، والتي ستقود العمليات الإكلينيكية للقاح في دولة الإمارات تحت اشراف دائرة الصحة في أبوظبي.
وتنقسم عملية التجارب السريرية في العادة إلى ثلاث مراحل تتضمن المرحلة الأولى بصورة أساسية سلامة اللقاح، في حين تعنى المرحلة الثانية بتقييم توليد المناعة وتبحث في عملية التطعيم لعدد محدود من الأفراد، في ما تشمل المرحلة الثالثة سلامة وفعالية اللقاح وسط شريحة أكبر من الناس.
وفي حال ثبت سلامة هذا المستحضر الطبي في التجارب السريرية، يتم الانتقال الى مرحلة التصنيع على نطاق واسع، و قد نجح اللقاح في اجتياز المرحلتين الأولى و الثانية من التجارب دون أن يتسبب في أي آثار ضارة، حيث وصلت نسبة المتطوعين الذين تمكنوا من توليد أجسام مضادة بعد يومين من الجرعة إلى مئة بالمئة، وفق ما نقلت تلك التقارير على المواقع الالكترونية.
 
«سانوفي» الفرنسيَّة
 شركة الأدوية الفرنسية «سانوفي» اعلنت في وقت سابق أنها تتوقع الحصول على الموافقة على لقاح محتمل مضاد لفيروس كورونا المستجد يجري تطويره مع 
شركة «غلاكسو سميث كلاين» البريطانية، في النصف الأول من العام المقبل، ويحمل التوقع بشرى 
سارة في ما يتعلق بالتوقيت، 
حيث رجحت الشركتان في وقت سابق، أن يكون اللقاح متاحا 
في النصف الثاني، لا الأول من
2021.
وقالت «سانوفي» إن لديها القدرة على إنتاج ما يصل إلى مليار جرعة سنويا من لقاحها المذكور، وسيكون بإمكانها توريد ما يصل إلى 360 مليون جرعة منه سنويا، وبينت انه لا توجد حاليا أي لقاحات للوقاية من الفيروس الذي أصاب أكثر من 9 ملايين شخص وقتل مئات الآلاف على مستوى العالم، ويعتمد الأطباء فقط على بعض الأدوية التي أثبتت فائدة في مساعدة مرضى «كوفيد 19» على التعافي.
وفي ظل سباق عالمي محموم للوصول إلى لقاح آمن وفعال، قال بول هدسون الرئيس التنفيذي لـ»سانوفي» إن «أحدا لم يتأكد بعد من تحقيق النصر وتطوير المصل»، وقال عن هذه المنافسة: «هناك شركات تتحرك بشكل أسرع، لكن دعونا نكون واضحين: السرعة لها سلبيات ومنها تجربة اللقاحات على مصابين بأمراض أخرى مثل «سارس»، واحتمالية ألا يكون اللقاح فعالا، فضلا عن أن الكميات المتاحة قد لا تكون كافية للجميع.