المتعافون من {كورونا} يبعثون رسائل أمل وطمأنينة للمصابين

العراق 2020/07/01
...

بغداد / هدى العزاوي
 

لم يكن استشاري القلب والاوعية الدموية الدكتور حسين عبعوب الكعبي يظن ان الاعراض الطفيفة التي ظهرت عليه تخفي خلفها الإصابة بفايروس كورونا.. الكعبي الطبيب الذي يعمل في مستشفى غازي الحريري أصبح اكثر التزاما بعد ان تفاقمت عليه اعراض الإصابة فعزل نفسه بعيدا عن اسرته خوفا من انتقال العدوى إليهم. ويقول الكعبي بصوت مليء بالاسف: “الكثيرون ممن بدت عليهم الاعراض واضحة لم يتخذوا القرار المناسب، الا بعد أن اصابت العدوى الكثير من مقربيهم”.

ويعود الكعبي بذاكرته الى 21 /3 عندما تأكدت اصابته  بكورونا وتم حجره 14 يوما، واعلن ذلك الخبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليتسنى للجميع ان يتخذوا القرارات المناسبة لمراجعة المستشفى واخذ مسحة لحماية المقربين منهم.
ويؤكد الكعبي، في حديثه لـ”الصباح”، امتثاله للشفاء بعد انتهاء مدة الحجر وعودته الى صفوف الجيش الابيض لمتابعة عمله في مساعدة المصابين ومساندتهم لتجاوز الازمة.
وطالب الكعبي الجميع بالالتزام بالاجراءات الوقائية كالتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامة والكفوف “لكونها الحل الامثل للابتعاد عن الاصابة”.
 
التزاور الاجتماعي
بمجرد ان يسمع المواطنون بضرورة مراجعة الاطباء اذا ما ظهرت عليهم اعراض الوباء الاكثر شيوعا كـ”الحمّى والسعال الجاف والإرهاق وفقدان حاستي الذوق والشم”، يقفون مكتوفي الايدي، عاجزين عن الابلاغ عن حالتهم خوفا من نظرة المجتمع، وتسوء بعدها حالة الاصابة فيؤثر “الفايروس” في حبالهم الصوتية ليفقدوا قدرتهم على الكلام ويصل بهم الحال الى صعوبة وضيق التنفس.. هذا ماحدث لستة عشر فردا من اسرة البيضاني الذين تعرضوا للاصابة نتيجة عدم ابلاغهم عن الاعراض التي اثبتت لاحقا اصابتهم بالفيروس، ويقول احد افراد الاسرة علي جهاد مطشر بألم:” عدم الالتزام بالوقاية والتباعد الاجتماعي كان سبب تعرضنا للاصابة، فالاهمال وعدم مراجعة المؤسسات الحكومية..  وبعد ان اخذ نفسا عميقا، واصل حديثه: الى ان وصل عدد المصابين الى مايقارب 16 شخصا.
ويضيف مطشر أن “الاعراض التي ظهرت عليه تشبه الى حد كبير الانفلونزا العادية، وهذا ما اكده مستشفى الكندي بعد اجراء التحليل الاول  الى ان اثبت مستشفى الامام علي في مدينة الصدر العكس، فتم نقلي الى مستشفى ابن الخطيب وبقيت فيه ثماني ليال وماتبقى من المدة المخصصة للحجر قضيتها في مستشفى ابن القف الى ان ظهرت نتيجة تماثلي للشفاء الكامل، مبينا:” أن جميع أفراد الأسرة الستة عشر شخصا كان لهم نصيب من الحجر الى ان تماثلوا هم ايضا للشفاء”.
 
ضغوطات أسرية
كان مستشفى الكرخ شاهداً على اصابة 22 فردا من اسرة واحدة في منطقة العامرية خصصت لها ثلاث ردهات واخرى للانعاش، بحسب ما اكدته المشرفة التربوية هاجر محمد عارف لـ”الصباح”.
وتقول عارف التي تماثلت للشفاء منذ اكثر من اربعين يوما: إن “اسرتها ملتزمة بالوقاية بشكل ملفت للنظر، الا ان التغاضي عن بعض الاشياء المتعلقة بالاسرة والمقربين قد يسهم بان نتعرض للاصابة”.
وبحسب عارف فان الاسرة تماثلت للشفاء بشكل تدريجي، وفقاً لشدة الحالة ومناعة الجسم الى ان استطاع بعضهم التبرع ببلازما الدم لانقاذ ما يمكن انقاذه من الحالات الحرجة”. وتؤكد عارف بصوت مليء بالامل: “مهما اشتدت رياح الضغوطات النفسية علينا ان نعبر الى بر الامان، فهذه الازمة سنعبرها بايماننا والقدرة على الالتزام وتطبيق اجراءات خلية الازمة”.
بينما أشار اختصاص طب الاسرة والمجتمع الدكتور احمد الرديني، في حديث لـ”الصباح”، إلى أن “جانب الوقاية مهم جدا في ظل وجود حالات خطرة وقاتلة لهذا الوباء، بالتالي لا بد من تعليم الأسرة كيفية العناية بجانب الوقاية بشكل علمي، وهذا ما لاحظناه في البلدان التي ركزت على هذا الجانب وكان مواطنوها ملتزمين بالاجراءات الوقائية واستطاعت السيطرة على الوباء بشكل كبير وعادت الحياة لديهم بشكل تدريجي نتيجة الالتزام لذا علينا اولا واخيرا الالتزام بالوقاية المتكاملة للتقليل من عدد الاصابات وانتشارها”.
واضاف الرديني أن “هناك اجتهادات شخصية تقدم للمواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي لايمكن الاعتماد عليها اذا لم تكن من أصحاب الاختصاص والمراكز البحثية”، داعياً الجهات المعنية إلى “تكليف جهات بمهمة البحث عن المعلومة المنتشرة وكيفية الرد عليها بشكل علمي فضلا عن إيجاد خطط إعلامية كفيلة بدراسة الأزمة من الناحية النفسية وكيفية تقبل المواطن للأزمة وكيفية معالجة الحالة بشكل علمي دقيق”.
 
الاعلام والجائحة
“الاصابة كانت متوقعة”، بهذه العبارة الموجزة استهل المحرر في قناة العراقية الاخبارية صفاء الخزعلي حديثه لـ”الصباح” قائلا: طبيعة عملنا في مجال الإعلام كانت تحتم علينا الخروج والتنقل لغرض نقل الأخبار وايصالها إلى الناس وخصوصاً في ما يتعلق بجائحة كورونا، وبهذا يكون عملنا مكملا لعمل الجيش الأبيض وخصوصا في توعية الناس وارشادهم”.
وعلى الرغم من التزام الخزعلي بالاجراءات الوقائية لتفادي الاصابة، الا ان مخالطته لزملائه من المراسلين والمصورين الذين كانوا حريصين على تقصي الحقائق من داخل ردهات العزل الصحي عرضته للاصابة.
وعن رحلة العلاج، يوضح الخزعلي، مكملاً حديثه: “شعرت بأعراض مشابهة للانفلونزا الاعتيادية ولكنها مختلفة باشياء بسيطة “كاحمرار العين والتعرق الشديد”، وبعد مراجعة احد الاطباء واخذ بعض العلاجات التي لم تجد نفعا، صرت أشك باصابتي”.
واجرى محرر قناة الاخبارية العراقية سلسلة من الفحوصات المختبرية نقل على اثرها الى مستشفى الفرات العام المخصص للعزل الطبي.. وبدت على ملامح الخزعلي علامات  الرضا وهو يشرح لـ”الصباح” المعاملة التي تلقاها خلال فترة تواجده في المستشفى التي كانت وبحسب قوله أكثر من ممتازة الى ان حصل على جواز شفائه للخروج. 
وعن نظرة المجتمع لوباء كورونا، يشير الخزعلي الى نقطة جديرة بالاهتمام ان “المجتمع كان مقسوما الى قسمين بين موافق ومعارض وكان الاخير اشد خطورة لعدم التزامهم بالاجراءات الوقائية من منطلق أن كورونا ما هي الا لعبة سياسية لضرب الاقتصاد العالمي، وهذا الامر غير صحيح، فالتهاون مع هكذا وباء يؤدي الى كوارث لا تحمد عقباها”. 
 
“أنت الرابح”
مقدم برنامج “انت الرابح” من على شاشة قناة العراقية الفضائية العامة، مشرق حسن، الذي “ربح” اصابة بالفيروس على الرغم من التزامه بالوقاية الكاملة، يقول، وهو ما يزال في فترة النقاهه: “بدت الشكوك بشأن اصابتي بالفايروس اللعين واضحة على جسدي المنهك، ما دفعني الى مراجعة مستشفى الشهيد الصدر لاخذ التحليل الاولي الذي لم يظهر
 الاصابة
النتيجة التي ظهرت لم تكن تردع شكوك حسن باصابته، خاصة بعد ان فقد قدرته على الحركة، فكانت المسحة هي الفاصل لنقله الى مستشفى ابن زهر للعزل الصحي لتبدأ رحلته بالعلاج مارا بمنعطف الاعراض الشديدة الى ان وصل الى مرحلة التعافي التام بعد اربعة عشر يوما.
واختتم حسن حديثه بتوجيه رسالة الى المجتمع عبر الـ”الصباح” يؤكد من خلالها على أن   “الاصابة بفايروس كورونا ليست امرا معيبا،  فالحالات التي تقبع خلف اسوار المستشفيات صعبة جدا وهي دليل واضح على عدم الاستهانة بخطورة الوباء الذي عصف بالعالم أجمع”، مطالبا الجميع بـ”الالتزام باجراءات خلية الازمة العليا للصحة والسلامة وعدم الخروج من المنزل الا للضرورة القصوى والحرص على التباع الاجتماعي”.
مدير قسم الرصد / دائرة العلاقات والاعلام في مكتب وزير الداخلية،حسين مرجاح البطاط، طالته الاصابة واختار العزل المنزلي لتلقي العلاج بعد ان بدت الاعراض بسيطة جدا ويمكن متابعتها بالالتزام بالوقاية.
ويقول البطاط، الذي كان شاهدا حيا على العزل المنزلي: إن “العزل المنزلي لايقل اهمية عن الحجر الصحي داخل المستشفيات اذا ما تم الالتزام بجميع التعليمات والمتعلقة بتوفير مكان بعيد عن الاسرة، فضلا عن ارتداء الكمامات والكفوف والانعزال بشكل كامل عن المتواجدين معه الى ان تم التاكد من شفائه بشكل 
تام”.