صيف كورونا ساخن

آراء 2020/07/07
...

نوزاد حسن 
 
 في مذكراته المهمة ذكر طبيب الأسرة المالكة سندرسن باشا بأن العراق يمتلك معقما طبيعيا هو الشمس التي تقتل كثيرا من الفيروسات.
 وبلا شك ففي ثلاثينيات واربعينيات القرن الماضي لم يكن امام هذا الطبيب البريطاني إلا التفكير بحرارة الصيف عندنا لأن اللقاحات والعلاجات لم تكن متوفرة بما يكفي.
 قد تبدو ملاحظة سندرسن باشا عن المعقم الطبيعي مجرد كلام عابر، او ملاحظة عادية يمر بها قارئ مذكراته من دون توقف يذكر. وقد ينسى القارئ العجول حكاية الشمس التي تقوم بوظيفة تعقيم لأن الحرارة بكل تأكيد تقضي على بعض الفيروسات، وهذا ما لا يجادل فيه احد.
 لكني في واقع الحال تذكرت وظيفة الشمس المهمة هذه الأيام بعد أن سمعت، وتكرر الحديث عن ذلك أن فصل تموز وآب قد يسهمان في تقليل الإصابات كما يقول كثير من المتخصصين في الوبائيات.
 إذن عدنا بعد انتشار جائحة كورونا بيننا الى حديث قديم طرحه طبيب بريطاني يتعلق بدور اضافي لصيف لاهب، ما كنا نظن قبل كورونا أننا سنعقد عليه أملا يذكر.
 نحن نعتقد بسبب طبيعة مزاجنا الانفعالي أن فصلي تموز وآب يتصفان بقسوة لا يمكن أن نفهمها. وكنا دائما ما نقول بعد ان تصل درجات الحرارة الى خمسين درجة مئوية بأننا محاطون بنار جهنم. وفي ظل هذا الفرن الذي يشتعل في هذين الفصلين لم نكن نفكر أن يوما من الأيام سيأتي ونسمع من يحدثنا عن أمل جميل يمكن أن يهب علينا من أشعة الشمس الحارقة. ولعل كل من يستمع الى حديث المتخصصين بهذا المجال يحس بترقب قوي ورغبة شديدة أن تقوم حرارة الفصلين القاسيين بإبادة هذا الفيروس إبادة تامة.
 كان يقال دائما أن في تموز بالذات تقع الثورات. هذا بكل تأكيد انطباع سياسي عن هذا الشهر. ومهما يكن من أمر فإن الدور الجديد لتموز، وآب كونهما معقمين لبيئتنا المشوشة بجائحة كورونا سينسينا قسوة الحر الذي سنتعرض له لأن ما نصل اليه من نتائج ان تحققت سيخلصنا من خسائر كبيرة جدا.
 وأظن أن الصورة ستكون أجمل لو حقق هذان الشهران عملية تصفية طبيعية للفيروس. وان تحقق هذا فيمكننا القول بعد ذلك: ربَّ ضارة نافعة. لكننا في كل الاحوال سنكون اكثر سعادة ان اكتشفنا فائدة جديدة في شمس تدبغ جلودنا، وتشعرنا باضطهاد سنوي نتعرض له كل عام.
 هل أقول إننا سنختبر صحة فرضية الطبيب سندرسن باشا في هذين الشهرين اللذين كان الآباء والأجداد يقولان إنهما ينضجان التمر بأنواعه المختلفة. هذا يعني أن وظيفة أخرى تقوم بها هذه الحرارة الخالقة.
 بقي أن ينتبه الجميع الى سبل الوقاية من مشكلتين اثنتين المشكلة الاولى: هي الحذر، وعدم إهمال لبس الكمامة "والكفوف" والتباعد اثناء العمل. والمشكلة الثانية: هي الانتباه الى ارشادات الدفاع المدني بخصوص بعض القضايا المتعلقة بالوقاية كعدم التعرض الطويل للشمس، وتجنب ترك المواد المعطرة التي تحتوي على كميات من الكحول في السيارة او الأماكن الحارة، وغير ذلك من النصائح المهمة.