محمد الموسوي
حكمة يونانية قديمة.. سادت كثيرا عند حكماء اليونان في سالف الزمان.. واليوم ونحن نعيش في هذه الحقبة من التاريخ نريد أن ننفض غبار الزمن والسنين عن هذه الحكمة العظيمة، ونلج في أعماق بحارها لاستخراج جواهرها النفيسة بقصد تسويقها في أسواق الحياة.. الحياة التي باتت معقدة وشائكة تغمر بعض زواياها الظلمة الكالحة. ما أحوجنا في هذا الزمن الصعب للاقتباس من التاريخ نحو مسارات غابت عنها الشمس ولبدتها الغيوم السوداء التي تأبى أن تغادرها. قد تغير كل شيء في هذا العالم وأضحت الحياة شاقة وصعبة في كل فصولها.. تسير قواربنا في بحر متلاطم الأمواج نحو شواطئ بعيدة المنال.
اليوم وفي هذا العالم يخسر الإنسان أحيانا كل شيء.. ويعجز أحيانا عن أي شيء.. ويخرج أحيانا من الدنيا بلا أي شيء..a بلا أي شيء!! أحلام بعضنا كبيوت بنيناها برمال الشواطئ أو كأعشاش عصافير خاوية قبالة أعاصير
عاتية.
بكينا كثيرا في طفولتنا لأننا كنا نتشبث بالحياة.. ولأن البكاء كان لنا لغة التعبير والتفكير ليس إلا. يولد الإنسان في هذا العالم وهو يطلق الصرخات تلو الصرخات عبر أنشودة الحياة.. ثم ما يلبث أن يفتح ثغرة بابتسامة مشرقة تسر الناظر لتكون هذه الابتسامة أول سيناريو على مسرح الولادة. وتتوالى الأيام ليبصر الإنسان ويرى كل ما حوله... فتارة يرى الضياء الساطع وتارة يرى الظلام الكالح، ويتعلم أن الشمس مصدر الضياء... عماد البقاء تخرج لها الكائنات من كل حدب وصوب في صباحات بيضاء.. إنها تشرق على الحقول لتحاكي الأرض والمعول وتشرق على المصانع لتحاكي المطرقة والحديد، وتشرق على المدارس لتحاكي الورقة والقلم.. ويتعلم أيضا أن الليل مصدر الظلام... يأتي الظلام ليذرف الضياء دموعه على قارعة الغسق، ونحن نودعه على أمل اللقاء... وهكذا دواليك تبعثر الأرض نفسها لتعطينا حدوتة النهار بكل خيرها وتعطينا تارة تنهيدة الليل بكل أساه. ويبقى الإنسان في كل هذا وذاك كائنا تتقاذفه أمواج الحياة بين الحزن والفرح.. صعودا ونزولا.. شروقا او غروبا يتوسد الأرض ويلتحف السماء! يزرع ليحصد.. يبكي ليضحك.. يتعب ليلعب، وهذا هو كائن الارتقاء المعول عليه الذي بنى الأرض وعمرها. أما كائن الظلام فهو ما زال يغتال الضياء ومازال يزرع البؤس والشقاء، وعند أبوابه تنتحر الإرادة وتُصلب الآمال...
اعرف نفسك أيها الإنسان...
وابحث في أعماق أعماقها لتعرف أين تكمن القوة، وأين هي مواطن الضعف، وكن حكيم نفسك وطبيبها.. فما حك جلدك مثل ظفرك، وما عرف جرحك مثلك.. تعلّم من كل ما حولك، وكن تلميذا مجدا في مدرسة قريبة منك لا شروط فيها اسمها (مدرسة الحياة)، ولا تنسى أن التلميذ يحتاج الى معلم فاحرص أن تكون المعلم لأعز تلميذ... واحرص أن تكون المربي لأعز وليد. يحرص قادة الحرب على التسليح والتجهيز بكل ما هو حديث وفعال ليضمنوا النصر الأكيد... وسلاحك أنت أيها الإنسان في معركة الحياة والبقاء يكمن في أعماق شخصيتك لأن بها يتحقق النصر وبها ترتكب الخسارة.
لقد صارت المعرفة والثقافة من أنجع الأسلحة في خضم هذه المعركة الأزلية، فتزود بها أيها المحارب المجبر على دخولها. في زماننا هذا تطورت أساليب ووسائل القتال الى ما وصلت إليه بما يسمى (الحرب الالكترونية) فهل تتطلب ستراتيجية الحياة في المعركة الأزلية للإنسان أن يحدث ويطور أساليب ووسائل العيش لكي يكون الرابح والمنتصر في معركة فرضت عليه يوم ولدته أمه اسمها الحياة. لقد أثبتت الدراسات السايكولوجية أن النفس البشرية على درجة من التعقيد وليس من السهل سبر أغوارها، وهي تنشأ متأثرة بما حولها من ظواهر اجتماعية ضمن البيئة الحاضنة لها. لذلك ومن هذا المنطق يجب تعزيز القيم الايجابية لدى الإنسان باتجاه توفير بيئة سليمة، ومن ثم بناء مجتمعات متطورة تواكب العلم والتطور الحديث نحو غد أفضل وعيش أسعد. فمتى تعرف نفسك أيها الإنسان.. فإن عرفت نفسك تكون قد عرفت السعادة، ووضعت أول حجر في صرح مجدك وازدهارك، وآخر ما نقول فهم السؤال هو نصف الجواب.. فاعرف نفسك أيها الإنسان وافهمها لتجيب عن أسئلة اختبار رخصة الحياة.