الجرائم المخلَّة بالثقة العامَّة

العراق 2020/07/19
...

القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي
 
تعدُّ الثقة العامة من الركائز الأساسية في استقرار المجتمع، ومن الامور التي تساعد على كسب الثقة وجود عدالة باتجاه الناس كافة وتحقيق المساواة في تطبيق القانون، ومن اساسيات المحافظة على اشاعة الثقة العامة بالوظيفة العامة هو المحافظة على الأختام والعلامات والطوابع والأوراق الرسمية والعملات النقدية التي تصدرها الدولة ومنعها من أن تصدر من أشخاص أوجهات أخرى، وذلك لتحصينها من أجل استقرار الأمور اليومية في الدولة، وقد نص المشرع العراقي على الجرائم المخلة بالثقة العامة في الباب الخامس من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل، وهي جرائم تقليد وتزوير الاختام والعلامات والطوابع وتزييف العملة وأوراق النقد والسندات المالية وتزوير المحررات الرسمية، وقد عرفت المادة (274 ) من قانون العقوبات التقليد بأنه صنع شيء كاذب يشبه شيئا صحيحا، إذ يعاقب بالسجن من قلّد أو زوّر بنفسه أو بوساطة غيره ختم الدولة او ختم او امضاء رئيس الجمهورية او ختما او علامة للحكومة او إحدى دوائرها الرسمية او شبة الرسمية او أحد موظفيها او توقيعه او دمغات الذهب والفضة المقررة قانونا وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنين، اذا كان محل الجريمة ختما او علامة لدولة أجنبية او ختم او علامة أحد المصارف او احدى المؤسسات او الشركات او الجمعيات او المنظمات او المنشات التي تسهم الدولة في مالها بنصيب او ختم او علامة احدى الشركات المساهمة او الجمعيات التعاونية او النقابات المنشأة طبقا للاوضاع المقررة قانونا، او احدى الجمعيات او المؤسسات المعتبرة قانونا ذات نفع عام، ويعاقب بالعقوبة ذاتها حسب الاحوال من استعمل شيئا مما تقدم او أدخله البلاد مع علمه بتقليده أو تزويره، ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنين من استعمل من دون وجه مشروع ختم الدولة او ختم رئيس الجمهورية او ختما او علامة للحكومة او لاحدى دوائرها الرسمية او شبه الرسمية، أو ختم او علامة احد موظفيها او دمغة الذهب أو الفضة المقررة قانونا، وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو الحبس اذا كان محل الجريمة ختما او علامة لدولة اجنبية أو ختم أو علامة احد المصارف أو احدى المؤسسات أو الشركات أو الجمعيات أو المنظمات او المنشات التي تسهم الدولة في مالها بنصيب أو ختم أو علامة إحدى الشركات المساهمة او الجمعيات التعاونية او النقابات المنشأة طبقا للاوضاع المقررة قانونا أو احدى الجمعيات أو المؤسسات المعتبرة قانونا ذات نفع عام.
 ومن الجرائم المخلة بالثقة العامة جرائم تقليد او تزوير الطوابع المالية للدولة، إذ نصت المادة (277 ) من قانون العقوبات العراقي على : (1 - يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنين من قلد او زور طوابع مالية للعراق أو لدولة اجنبية أو علامات أو طوابع البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية للعراق أو لدولة اجنبية منظمة لاتحاد البريد الدولي أو اوراق المرسلات المدموغة بقصد استعمالها على وجه غير مشروع أو روجها مع علمه بأمرها، فاذا كان محل الجريمة طوابع لهيئات غير حكومية معترف بها رسميا تكون العقوبة الحبس. 2 - يعاقب بالحبس كل من استعمل طابعا مقلدا او مزورا من نوع ماذكر في الفقرة المتقدمة أو استعمل طابعا صحيحا من ذلك سبق استعماله او ادخله البلاد بقصد استعماله على وجه غير مشروع او بقصد ترويجه مع علمه بتقليده او تزويره أو سبق استعماله، ويعاقب بالحبس او الغرامة كل من صنع او حاز بقصد البيع او وزع او عرض للبيع مطبوعات او نماذج مهما كانت طريقة صنعها تشابه بهيئتها الظاهرة علامات وطوابع البريد او المواصلات السلكية واللاسلكية في العراق او في البلاد الداخلة في اتحاد البريد الدولي او اوراق المرسلات المدموغة مشابهة تسهل قبولها بدلا من الاوراق الصحيحة).
 ومن الجرائم المخلة بالثقة العامة جريمة تقليد وتزوير اللوحات المعدنية، إذ نصت المادة ( 279) من قانون العقوبات العراقي على: (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة او بغرامة كل من قلد او زور اللوحات المعدنية أو العلامات الأخرى التي تصدر تنفيذا للقوانين والانظمة والتعليمات الخاصة بالنقل او المرور او الحرف ويعاقب بالعقوبة ذاتها من استعمل شيئا من ذلك مع علمه بتقليده او بتزويره، ومن استعمل لوحة او علامة صحيحة مما ذكر لا حق له في استعمالها)، ومن الجرائم المخلة بالثقة العامة جرائم تزييف العملة وأوراق النقد والسنوات المالية التي تعد من جرائم التخريب الاقتصادي وتؤدي الى زعزعة الثقة بالعملة الوطنية والسندات المالية للدولة، ومن الجرائم المخلة بالثقة العامة جريمة التزوير التي نص عليها قانون العقوبات العراقي في المواد (286-298 ) وقد عرف المشرع العراقي التزوير بأنه تغيير الحقيقة بقصد الغش في سند أو ثيقة أو أي محرر آخر بإحدى الطرق المادية او المعنوية التي يبينها القانون تغييرا من شأنه احداث ضرر بالمصلحة العامة أو بشخص من الاشخاص، ووفقا للمشرع العراقي فإن التزوير المادي هو تغيير الحقيقة بصورة مادية أي بصورة تترك في السند أثرا يدركه الحس وتقع عليه العين ومن أمثلة التزوير المادي ان يقوم شخص بتوقيع محرر صادر من شخص آخر، ولا يشترط ان يكون المحرر موجودا بل يكفي ان يقام الدليل على حصول التزوير ونسبته الى متهم معين حتى وان اتلف المحرر او فقد، وقد حددت المادة (287) من قانون العقوبات العراقي الطرق التي يقع فيها التزوير المادي، إذ نصت على: (1 - يقع التزوير المادي باحدى الطرق الآتية: أ - وضع امضاء او بصمة ابهام او ختم مزورة أو تغيير امضاء او بصمة ابهام او ختم صحيحة. 
ب - الحصول بطريق المباغتة او الغش على امضاء او بصمة او ختم لشخص لايعلم مضمون المحرر على حقيقته.
ج - ملء ورقة ممضاة او مبصومة او مختومة على بياض بغير إقرار صاحب الامضاء او البصمة او الختم، وكذلك اساءة استعمال الامضاء او البصمة او الختم. 
د - إجراء أي تغيير بالاضافة او الحذف او التعديل او بغير ذلك في كتابة المحرر او الارقام او الصور او العلامات او أي أمر آخر مثبت فيه.
أما التزوير المعنوي فيقصد به تغيير الحقيقة عند كتابة المحرر سواء في ما يتعلق بمضمون المحرر او في ما يتعلق به من ظروف اي أنه لا يقع إلا من كاتب المحرر عند تحريره، وذلك عندما يقوم الكاتب بتدوين بيانات مخالفة للحقيقة، ومن طرق التزوير المعنوي التي حددها المشرع العراق في قانون العقوبات العراقي هي:
1 - تغيير إقرار أولي الشأن الذي كان الغرض من تحرير المحرر إدراجه فيه.
2 - جعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع العلم بتزويرها.
3 - جعل واقعة غير معترف بها في صورة واقعة معترف بها.
4 - انتحال شخصية الغير او استبدالها او الاتصاف بصفة غير صحيحة، وعلى وجه العموم تحريف الحقيقة في محرر او اغفال ذكر بيان فيه تحريره فيما أعد لإثباته، والمحرر الرسمي هو الذي يثبت فيه موظف او مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه او تلقاه من ذوي الشأن طبقا للاوضاع القانونية 
وفي حدود سلطته واختصاصه او تدخل في تحريره على أية صورة او تدخل باعطائه الصفة الرسمية، وانَّ جريمة التزوير في المحررات من الجرائم المهمة والخطيرة وتلحق ضررا بالمجتمع وهي من الجرائم المخلة بالثقة العامة أي 
المخلة بثقة الناس بالاوراق والوثائق والمستندات التي يتعاملون بها والصادرة من الدولة لاثبات حقوق الناس، وانها تمس هيبة الدولة وانَّ انتشار هذه الجريمة يؤدي الى ضعف الدولة وأنَّ التشدد في العقوبة في هذه الجرائم هو حماية للثقة العامَّة.