قصتنا قصة {مشربكة}

آراء 2020/07/20
...

حمزة مصطفى
 


في ثمانينيات القرن الماضي اشتهر بين الناس مسلسل كويتي اسمه "خالتي قماشة" من بين ما اشتهر به ذلك العقد من القرن الماضي من مسلسلات عراقية مثل "النسر وعيون المدينة"، ومصرية مثل "ليالي الحلمية"، وكويتية مثل هذا المسلسل الذي تقول مقدمته الغنائية "إحنه الثلاثة قصتنا قصة مشربكة.. حجي الناس مايهمنا وشعلينا من حجي الناس". في ما بعد خربت القصة بعد جائحة المسلسلات المدبلجة لا سيما المكسيكية منها بدءاً من "غوادا لبي" الى التركية التي لم أشاهد أي واحد منها بعد أنْ كنت توقفت عند الحلقة 270 من مسلسل غوادا لبي، إذ اكتشفت حينها أنَّ قصة لبي هي الأخرى مثلنا.. مشربكة. ولأنَّ قصتنا "مشربكة" فإننا مختلفون على كل شيء، وعن أي شيء بدءاً من المنافذ الحدوديَّة الى الحظر الجزئي أو الكلي الى خلية الأزمة أو أزمة الخلية. وما بين هذه القضايا قضايا بعضها جوهري مثل هل نحن بحاجة الى الجمهورية وديمقراطيتها العتيدة أو نعود الى الملكية بديمقراطية مقيدة بالدستور حيث الملك مصون غير مسؤول إنْ شرقت أو غربت؟، وبعضها الآخر شكلي مثل الانتخابات مبكرة أو متأخرة، وهل النظام المناسب لنا برلماني أم رئاسي. أما المنافذ؟ فالجدل حولها مستمر مثل هل نكتفي بالسيادة على زرباطية أم "نزرك" للخابور الذي تغنت به ذات يوم أخت إبن طريف "أيا شجر الخابور مالك مورقاً.. كأنك لم تحزن على إبن طريف"؟. لدينا اعتراضات على كل شيء وأي شيء بدءاً من الهوية وانتهاءً بالقضية مروراً بمحو الأمية وانتهاءً بالزراعة والصناعة والسياحة والثقافة والنقل والمواصلات والاتصالات والخارجية والدفاع والتجارة والإسكان والهجرة والمهجرين والخارجية والدفاع والداخلية والتخطيط والرياضة والشباب والموارد المائية والنفط والتربية والتعليم العالي والصحة والعدل (أكو وزارة نسيتها). في الزراعة قضيتنا ليست زراعة الحنطة أم الشعير, استيراد العدس أم تصدير الباذنجان بل من يزرع وأين نزرع ومتى نزرع وكيف نزرع؟. في الصناعة أسئلتنا من نمط آخر هل نبدأ بصناعة المعجون أم معجون الأسنان أم علج أبو السهم؟. وفي التجارة ليست لدينا أية أسئلة على الإطلاق لأنَّ الحلول جاهزة بدءاً من استيراد البطاقة التموينية الى تموين الأحزاب بكل ما لذَّ وطاب. في السياحة لدينا المزيد من الأسئلة لكننا أجلنا طرحها الى وقتٍ لاحقٍ لأنَّ لدينا مشكلة سياحيَّة واحدة اختزلت كل مشكلاتنا من عهد نبوخذ نصر الى اليوم وهي أسد النجف. ولأننا نملك القدرة على لفلفة أخطر القضايا بعد فورة الجدل التي لا تستمر أكثر من يومين على أية قضية كبرت أم صغرت فقد وجد أصحاب الحل الحل لهذه "الطركاعة" وذلك بإعادة صبغ الأسد المتقاعد (مبين من أضلاعه التي أكل عليها الدهر وشرب) باللون الأبيض وكفى الله المتلاسنين بالسوشيال ميديا شر.. اللايكات. المشكلة أننا نسينا في ظل جدلنا المحتدم حول أفضلية الملكيَّة على الجمهورية أنَّ راعي الملكية الناجي الوحيد من مجزرة قصر رحاب لم يمنحه دعاة الملكية المتباكين على عصرها الذهبي طوال السنوات السبع عشرة الماضية لا مقعداً في البرلمان ولا كرسياً في الحكومة. المهم النوايا سليمة.