أمهات ذوي الاحتياجات الخاصة و مواجهة التحديات

اسرة ومجتمع 2020/07/26
...

بيروت/ غفران المشهداني
 
 
 
قد تكون تربية الاطفال مرهقة للامهات ، ولكن تربية أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة قد تكون أكثر ارهاقاً ، وفي لبنان هنالك الكثير من القصص الانسانية لامهات صاحبات همم،  قدمن عطاء بلا حدود رغم المرض والاعاقة الملازمة لاطفالهن ورغم تنمّر المجتمع، فهن امهات محاربات لا تنقصهن الصلابة والعزيمة، استطعن تجاوز صدمة البدايات والاخبار الموجعة عن مرض فلذات اكبادهن ، فضلاً عن تحملهن نظرات الشفقة في أعين الآخرين.
 
 تنمّر المجتمع
 تخرجت المغتربة المصرية الام نورا خلف احمد في كلية التجارة، وتزوجت وانجبت طفلتها الوحيدة ورد ، وبعد عشرين شهراً من ولادتها بدأت تلاحظ أن ابنتها ليست طبيعية مثل باقي الاطفال ممن هم في عمرها وتعاني من صعوبة في التواصل الكلامي وغير الكلامي وفي التفاعل الاجتماعي وفي اللعب واللهو والنشاط.
اذ قالت: «خلال مراجعتي الطبيب، اكد لي ان طفلتي مصابة بالتوحد ولكن على الرغم من عبء المسؤولية التي حملتها لكنها لم تثقلني بقدر المي من سخرية وتنمّر المجتمع، حيث يسمعونني كلمات جارحة بانها بنت معاقة وستكون عبئاً عليّ وعلى اسرتي بالمستقبل «.
وكم اتمنى أن يقف الجميع مع امهات الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، بدلا من اتباع اسلوب سلبي تجاههن».
  
أمومة مجروحة 
بينت المواطنة اللبنانية رندا دياب 51 عاماً من منطقة فردان وأم لشاب عشريني يعاني من متلازمة داون: «خلال مدة حملي حين خضعت للسونار واخبرتني طبيبتي ان ابني «أنس « ليس على ما يرام لا انكر انني حزنت كثيراً ولكني انتظرت قدومه بحب وشغف كبيرين رغم نصيحة بعض اهلي وصديقاتي بأن اخضع للاجهاض الا انني رفضت بدون تفكير لانني تألمت عليه كونه روحاً من الله.
 واضافت دياب « خلال تربيتي لابني لم اعان منه رغم صعوبات التربية النفسية والجسدية ولكنني عانيت كثيراً من تنمّر الناس وتطفلهم واسئلتهم واستفساراتهم وشفقتهم المبالغ فيها حتى صارت بعض زميلات العمل يكررن على مسمعي دائماً «أن تكوني أماً لطفل معاق أمر صعب للغاية، الله يعينك».
متابعةً «ومن قال لهن انني منزعجة منه للاسف تعاطفهم المبالغ فيه جعلني اشعر ان امومتي مجروحة وينتابني الحزن طوال الوقت واتمنى من الناس ان تكف عن جرح شعور الامهات والنظر الى اطفالهن على انهم ليس لهم تأثير وحاجة في هذا المجتمع، فكم من الاطفال المختلفين تجدهم مميزين وموهوبين وحققوا انجازات لم يستطع الطفل السليم تحقيقها»..
  
مساندة
 بينما توضح المغتربة العراقية سوسن حسين 39 عاماً من منطقة الشيّاح وهي لاجئة لدى الامم المتحدة وام لطفل يعاني من اعاقة ذهنية: «معاناتنا شديدة ولا توصف نحن امهات ذوي الاحتياجات الخاصة، فالمسؤولية كبيرة نفسياً وعاطفياً خاصة اننا نعاني من مشكلات اقتصادية كبيرة جداً، اذ ان طفلي الصغير مؤيد وبسبب ظروفه الصحية يحتاج الى رعاية صحية خاصة ويتطلب ذلك مبالغ مادية باهظة ولولا مكتب الامم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان الذي يساعدني بين مدة واخرى مادياً، لما استطعت مواصلة شراء الدواء له».
مشيرة الى أن: «التحديات كثيرة جداً، فلم اجد مساندة كافية من زوجي الذي تخلى عن اطفاله الثلاثة من بينهم طفل مريض الى جانب غلاء المعيشة في لبنان ولولا ظروف حياتي القاسية في بغداد لكنت اول العائدين الى بلدي على الاقل هناك الحياة رخيصة والطبابة في المستشفيات ارخص ولكن ظروفي الخاصة تمنعني من العودة ».
 اما المواطنة اللبنانية عليا كمال، 40سنة ، التي تعيش في ضاحية بيروت فقالت «الحقيقة هي انه من الصعب للغاية أن تكوني اماً لطفل لديه حاجة خاصة مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه او التوحد، ويتعين عليك تحمل تنمّر الناس وسخريتهم وبصراحة اشعر بأنني اكثر ضعفاً من طفلي المتوحد بسبب من يحيطون بي فهو لم يتعبني ابداً لانني احبه كباقي اخوته الاسوياء، ولكني بحاجة الى رفع مستوى معنوياتي من قبل المجتمع، فحياتي شاقة بما يكفي لا تكونوا عبئاً آخر وآلاماً أخرى تضاف لحياتنا».  
 
تصرفات محرجة  
المغتربة المصرية دولت عطيات، 66 سنة ، التي تعيش في لبنان منذ 30 عاماً تقول إن ابني دريد 27 عاماً يعاني من متلازمة داون ،ورغم ان التعامل مع حقائق حالته صعب للغاية، لكن الاصعب بالنسبة لي تعامل الغرباء الذين يصادفونه فهم يعتقدون انه مجرد شاب سيئ منبوذ ولا داعي لوجوده في هذه الحياة».