تخبط إسرائيلي واشتباكات وقصف على الحدود اللبنانية

قضايا عربية ودولية 2020/07/28
...

بيروت / جبار عودة الخطاط 
 
بعد أيام من الترقب وحبس الأنفاس من قبل الجانب الإسرائيلي، شهدت الأوضاع على الحدود اللبنانية الفلسطينية اشتعالاً جرى خلاله إطلاق كثيف  للنار، أعقبه قصف إسرائيلي  في أعقاب حالة الاستنفار التي عاشها جيش الاحتلال بعد إعلان حزب الله مقتل أحد عناصره في محيط مطار دمشق بسوريا الإسبوع الماضي.
وأعلنت مصادر إسرائيلية، أن حزب الله - وكما كانت تتوقع إسرائيل- قد نفذ عملية نوعية ضد الجيش الإسرائيلي في منطقة مزارع شبعا، وهي مزارع لبنانية محتلة، من خلال توغل خلية مكونة من خمسة أشخاص، واستهدافها آلية إسرائيلية ترافقها قوة في منطقة "رويسات العلم" في مزارع شبعا، وأن العملية أسفرت عن إصابات مباشرة، كما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بسماع دوي انفجارات وإطلاق نار من الجانب اللبناني في المناطق المتاخمة. وسادت حالة من الارتباك والفوضى في الأوساط العسكرية والإعلامية الإسرائيلية حيال حقيقة ما جرى، إذ نقلت مصادر إسرائيلية "غير مؤكدة حتى الآن"، أن الجيش الإسرائيلي اشتبه بوجود عناصر تابعة لحزب الله عند الحدود، ففتح النيران باتجاههم، ليتبين لاحقاً أنه أطلق النار على جنود إسرائيليين عن طريق الخطأ،  ويبدو أن التخبط كبير في الرواية العسكرية الإسرائيلية، إذ بدأت بقولها: "استخدام حزب الله لصاروخ كورنيت"، ثم "رصد خلية قتالية"، لتنتهي بإمكانية أن "حزب الله لم يرد". 
 
بيان حزب الله
وتعليقاً على ذلك أصدر حزب الله بيانا بعد فترة من الصمت جاء فيه: "يبدو أن حالة الرعب التي يعيشها جيش الاحتلال  الصهيوني ومستوطنوه عند الحدود اللبنانية، وحالة الاستنفار العالية والقلق الشديد من ردة فعل المقاومة على جريمة العدو التي أدت إلى استشهاد (علي كامل محسن)، وكذلك عجز العدو الكامل عن معرفة نوايا المقاومة، كل هذه العوامل جعلت العدو يتحرك بشكل متوتر ميدانياً وإعلامياً على قاعدة (يحسبون كل صيحة عليهم)". وأضاف البيان، أن "كل ما تدعيه وسائل إعلام العدو عن احباط عملية تسلل من الأراضي اللبنانية إلى داخل فلسطين المحتلة، وكذلك الحديث عن سقوط شهداء وجرحى للمقاومة في عمليات القصف التي جرت في محيط مواقع الاحتلال في مزارع شبعا؛ هو غير صحيح على الإطلاق، وهو محاولة لاختراع انتصارات وهمية كاذبة، ونؤكد أنه لم يحصل أي اشتباك أو إطلاق نار من طرفها  في أحداث (يوم الاثنين 27 تموز) حتى الآن، وإنما كان من طرف واحد فقط هو العدو الخائف والقلق والمتوتر". 
وشدد بيان حزب الله على أن "ردنا على استشهاد (علي كامل محسن) الذي استشهد في العدوان الصهيوني على محيط مطار دمشق الدولي آت حتماً، وما على الصهاينة إلاّ أن يبقوا في انتظار العقاب على جرائمهم، كما أن القصف الذي حصل على قرية الهبارية وإصابة منزل أحد المدنيين لن يتم السكوت عنه على الإطلاق،  (وإن غداً لناظره قريب)". 
 
متابعة عاجلة
وتفيد المصادر بأن رئيس وزراء إسرائيل نتانياهو، كان بعد ظهر الاثنين في اجتماع لمجلس الوزراء، وسارع الى مغادرته بعد تبليغه بوقوع عملية لحزب الله في بمزارع شبعا. 
وفي أول تصريح له تعليقا على ما حدث على الحدود مع لبنان، قال نتانياهو: "إننا أمام عملية عسكرية ليست سهلة"، مضيفاً: "نتابع باستمرار ما يجري على حدودنا الشمالية والجيش الإسرائيلي مستعد لجميع السيناريوهات"،  وأضاف أنّ "لبنان وحزب الله سيتحملان مسؤوليّة كل اعتداء يخرج من لبنان ضدّنا"، على حد تعبيره.
وعلى الجانب اللبناني أعلن تلفزيون "المنار"، أن رئيس الحكومة اللبنانية الدكتور حسان دياب قطع اجتماعاته التي كانت تتمحور حول معالجة الأزمة الاقتصادية الحادة وتداعيات جائحة كورونا، لمتابعة الوضع في الجنوب وأجرى اتصالاته لمتابعة التطورات. 
بدوره، قال وزير الخارجية والمغتربين اللبناني ناصيف حتي: "سندافع عن أرضنا ضد أي عدوان إسرائيلي"، مشدداً على أن "تاريخ إسرائيل في المنطقة تاريخ عدواني، ولبنان متمسك بقوات اليونيفيل في جنوب لبنان".
أما صحيفة جورناليزم بوست (Jerusalem Post) الإسرائيلية فقد أفادت بدورها بأن "حزب الله نفذ عملية عسكرية قرب الحدود واستهدف دبابة ميركافا اسرائيلية بصاروخ كورنيت"، مشيرة الى أن "الجيش الاسرائيلي أطلق النار على خلية تابعة لحزب الله حاولت التسلل عبر الحدود" كما ادعت الصحيفة. 
 
مصادر خاصة
ونفى مصدر خاص لـ "الصباح" المعلومات التي بثها الجيش الإسرائيلي عن سقوط قتلى من حزب الله جراء الأحداث العسكرية على الحدود اللبنانية، وشدد المصدر، على أنه : "لا يوجد أي شهيد لحزب الله كما زعم الجيش الإسرائيلي".
وأفاد شهود عيان لـ "الصباح"، بأن "والدة الشهيد (علي كامل محسن) الذي قضى نحبه في الاعتداء الاسرائيلي على سوريا الأسبوع الماضي؛ شوهدت وهي تشارك بتوزيع الحلوى بين المارة، تعبيراً عن فرحها بالعملية العسكرية التي من المرجح أنّها أتت للثأر لابنها عنصر حزب الله". 
 
تقرير أمني
في خط موازٍ، أكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، أنه: "تم تلقي تقرير عن حادث أمني في جبل روس في مزارع شبعا المحتلة على الحدود مع لبنان، والتفاصيل قيد التحقيق"، بينما أفادت أنباء "القناة الإسرائيلية- 13"، بأن وزير الحرب الاسرائيلي بني غانتس عقد اجتماعا عاجلاً لإجراء مشاورات مع رئيس الأركان افيف كوخافي ليتوجه بعدها صوب الحدود الشمالية لمعاينة الوضع العسكري عن كثب.
ولدى رصدنا للإعلام الإسرائيلي لاحظت "الصباح" ترقب الإعلام العبري وتعطشه لأي تصريح أو حتى إشارة من إعلام حزب الله أو من قبل الإعلام الموالي للحزب اللبناني، بعد أن سادت حالة عدم التصريح المقصودة لدى الحزب بعد العملية قبل الإعلان الأخير للحزب، بينما وصف مراقب ذلك بأنه "تعذيب نفسي للإسرائليين في هذه الساعات العصيبة". 
 
قصف إسرائيلي
الى ذلك، عمد الجيش الاسرائيلي الى تركيز قصفه على محيط موقع "رويسة العلم" في مرتفعات "كفرشوبا" على الحدود مع فلسطين المحتلة، بينما رصدت "الصباح" تحليقا مكثفا للطيران الحربي الإسرائيلي في أجواء مزارع شبعا وأحيانا يمتد طيرانها فتخرق الأجواء اللبنانية، بينما تحدث شهود عيان لـ "الصباح" عن  سقوط قذائف إسرائيلية في محيط بلدة "كفرشوبا" وفي نقاط قريبة من مركز القوات الدولية "اليونيفيل" المرابطة بمنطقة مزارع شبعا، كما أن أحد المنازل في بلدة الهبارية اللبنانية في منطقة العرقوب تعرض لقصف بقذيفة إسرائيلية. 
 
تبليغ رسالة
على صعيد ذي صلة علمت "الصباح"، أن الأمم المتحدة أبلغت حزب الله رسالة اسرائيلية تتعلق بمقتل عنصره "علي كامل محسن" في محيط مطار دمشق بسوريا، مفادها أن "إسرائيل لم يكن لديها علم مسبق بوجود عنصر لحزب الله في المكان الذي استهدفته بعملية القصف المذكورة"، كما أن إسرائيل أبلغت حزب الله ما وصفته بالتحذير من عمل عسكري انتقامي، غير أن حزب الله كما نقلت المصادر رفض أي تحذيرات أو تهديدات إسرائيلية.
نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم من جهته، أكد صحة الرسالة التي وصلت الى حزب الله من الأمم المتحدة، بقوله: "نعم  وردتنا رسالة عبر ممثل الأمم المتحدة"، منوهاً بأن "ما حصل في سوريا هو عدوان أدى الى استشهاد (علي كامل محسن)، والتهديدات الإسرائيلية اعتدنا عليها، وهي لا تقدم لنا رؤية سياسية جديدة، وهي تأتي في إطار المنهج الإسرائيلي المتخبط، وهي لن تستدرجنا الى موقف لا نريده"، مضيفاً أن "معادلة الردع قائمة مع إسرائيل، ونحن لسنا بوارد تعديل هذه المعادلة، ولا تغيير في قواعد الاشتباك".