المسؤول في عالم آخر

آراء 2020/07/28
...

حسين الذكر
 
في ظل وباء فاتك وحظر أفتك وصيف جاف حار معزز بقحط كهربائي جعل المواطن يعيش ضغطا غير مسبوق وحالا مزريا لا شفاعة فيه.. إلّا برحمة الله.. إذ أن الإجراءات الحكومية غير مقنعة ولا تمتلك أي ردت فعل قد تشعر المواطن أن مسؤوليه يفكرون فيه.. فما زال الشعب يرزح تحت نير الفساد بكل عواهنه وتراكم ملفاته... فيما المسؤول منتخبا او معينا او متسلقا ... ومن يدور بفلكهم ينامون في أبراجهم المجهزة بكل تقنيات العولمة لا يشعرون بحرِّ صيفٍ ولا ببردِ شتاءٍ .....
 من هنا ستسقط الحسابات غير الكهربائية ولا يمكن أن تصنف ضمن مفردات عالم متعولم من الألف الى الياء، إلا اللهم إذا كنا نتحدث عن خارج الحضارة او نبحث عن أرشيف صحراوي جاهلي موغل بالقدم او ما كان يعرف بالبدائية المنقرضة عن الأرض..
فأفغانستان والصومال وأفقر بلدان العالم تمتلك الطاقة ويعيش مواطنوها تحت ظل رحمة الطاقة التي تنير ظلامات الليل وتحرك نهارات وملفات لحظية.. من هنا، نستوعب أن الكهرباء هي الحياة ولا يمكن أن تتعطل بأي دولة مهما فقرت او غنت، نفطية كانت او مورفينية...  سياحية او قطنية.. حضرية او صحراوية.. لا بديل عن الطاقة لمن أراد أن يطلق على نفسه دولةً وعلماً وسياسةً ... متحضرة في عصر العولمة..
هذا ما يجعلنا نضع ألف علامة استغراب واستهجان للوضع الكهربائي في بلدنا.. فبلد النفط وملايين البراميل التي تصدر يوميا عبر مئات السفن وعشرات الأنابيب الممتدة عبر خارطة الوطن تنقل خيراته وأملاك أولاده وأجياله اللاحقة الى شتى بقاع العالم الصناعي والاستعماري، فيما العراقيون يعيشون منذ ثلاثين عاما بلا كهرباء.. في بدايات التغيير منذ 2003 العام كنا نستوعب عدم حصولنا على الطاقة لأسباب نعزوها للدكتاتورية والحصار وغير ذلك، ثم بعد ذلك وحتى العام 2008 كنا نبرر بناءً على الوضع الإرهابي والتفجيرات ومقتضياته وأجنداته
، ثم بعدها مع تباشير الميزانية الانفجارية كنا نعزي النفس بالفساد المستشري.. جميعها لم تعد مبررة وها قد مر عقد ونصف العقد من الزمن من دون فائدة.. ما زال فيه الشعب يعيش تحت خط الفقر الكهربائي.. فما الذي يحدث.. وماذا سيحدث لولا وجود المحطات الأهلية – برغم تحفظنا وملاحظاتنا على عملها – التي غطت مساحة كبيرة وأسهمت بتحمل الناس لمصاعب الحياة لاسيما بفصل الصيف وحره الذي لا يطاق ..
هل هناك قرار دولي او إقليمي بضرورة عدم إصلاح المنظومة الكهربائية لأسباب سياسية.. هل يدفع العراقيون عقوبة ما ويتحملون أعبائها حتى ايجاد نظام سياسي يمكن له أن يكون جزءا من النظام العالمي المسيطر، وألا يكتفى منه ببيع النفط وثروات العراق بأبخس الأثمان.. بل يكون جزءا من تطبيق وترسيم المشهد الشرق أوسطي الجديد الذي يكون فيه العالم الغربي نفطيا متحضرا فيما تبقي الشرقي خامدا جاهلا لا يصحو إلّا على دوي المدافع والحروب 
والأزمات.
الكهرباء عصب الحياة.. إذ لا يمكن للمجتمعات والأفراد النهوض بأعبائها وتطوراتها إلا عبر اتقان عمل منظومة الكهرباء والإفادة من طاقتها بالشكل الأمثل، فكل شيء غدا معتمدا على المكننة حتى أبسط مقومات العمل اليومي اليدوي المعتاد صار كهربائيا بحتا.