الانتخابات المبكرة.. فرصٌ وتهديدات

العراق 2020/08/11
...

شمخي جبر
كانت اهم مطالب المحتجين في تشرين الاول 2019 وما تلاه من الاشهر تتركز على وجود نظام انتخابات منصف وادخال تغييرات على عملية الاقتراع والترشيح واختيار مفوضية خارج هيمنة الكتل السياسية حدث هذا كله بعد انتخابات 2018 التي تحدث الكثير من السياسيين والمتابعين عن عمليات تزوير حدثت اثنائها، فضلا عن المشاركة المحدودة للناخبين ومقاطعة طيف للعملية الانتخابية.
فصدر قانون المفوضية العليا للانتخابات في 15 ايلول 2019 الذي اقر تشكيل مجلس مفوضين من قضاة مستقلين وفي 24 ايلول من ذات السنة تم تعديل قانون الانتخابات بحسب توجيهات المرجعية ومطالب المحتجين. وبهذا فقد اصبحت الارض السياسية ممهدة ومهيئة لبذرة الانتخابات على الرغم من عدم اكتمال جداول قانون الانتخابات التي تعد روح القانون وتفصيلاته.
 ولكن رغم هذا بقت الكتل السياسية تعيش حالة( الحيص بيص) مرة بعد رضاها بالقانون الذي فرضته ارادة الشارع ومرة بخوفها من الانتخابات المبكرة التي يطالب بها الجمهور والمرجعية. فعقدت عدة اجتماعات بين زعماء الكتل سعيا لتحديد موعد للانتخابات لكنها لم تتفق، إذ تمخضت الاجتماعات عن ثلاثة مواعيد. ولكن جاءت كلمة الحسم من السلطة التنفيذية ورئيسها الكاظمي التي حددت يوم 6 حزيران2021موعدا للانتخابات المبكرة، وبهذا فقد رميت الكرة في ملعب القوى السياسية وممثليها في البرلمان.
وقد لاقت هذه الدعوة تأييدا واسعا على المستوى الدولي والمحلي ..واكدت بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق استعدادها لتقديم الدعم والمشورة لضمان انتخابات حرة نزيهة..اذ وصفت البعثة الانتخابات المبكرة بانها تلبي مطلبا شعبيا رئيسا على طريق تحقيق المزيد من الاستقرار وتعيد تنشيط النظام السياسي وتستعيد ثقة الجمهور.
كما رحب رئيس الجمهورية الذي اشار الى ان (الدعوة الى انتخابات مبكرة تعد من متطلبات الاصلاح السياسي المنشود)واجراء انتخابات حرة نزيهة يستوجب تعاونا امميا مع مفوضية الانتخابات، فضلا عن اشراف المراقبين الدوليين .
كما اعلنت مفوضية الانتخابات استعدادها لاجراء الانتخابات في الموعد الذي حدده الكاظمي وحددت عددا من الشروط لذلك: ان يقوم مجلس النواب بانجاز قانون الانتخابات ونشره في الجريدة الرسمية. وان يشرع نصا بديلا للمادة 3 من الامر رقم 30 لسنة 2005 لاكمال نصاب المحكمة الاتحادية بوصفها الجهة المخولة بالمصادقة على نتائج الانتخابات.كما اشترطت المفوضية تحديد موازنة انتخابية قدرها بعض الخبراء بما يعادل مليار دولار.فيما طرحت بعض الكتل بعض الشروط منها عودة النازحين وانهاء ملف الجماعات المسلحة.
القوى السياسية المعارضة لاجراء انتخابات مبكرة في الموعد الذي حدده الكاظمي او الدعوة الى موعد (أبكر) لا تستطيع ان تعلن عن نواياها وموقفها المعارض خوفا من المد الشعبي المطالب بها لهذا تتحجج مرة بقضايا فنية او لوجستية او قانونية او تشير الى اهمية التوافقات والارضاءات السياسية لهذا تأخر اكمال قانون الانتخابات منذ ايلول العام الماضي الى الان .  ولان بعض الكتل السياسية في مرمى نيران غضب المحتجين لهذا ترفض او تتحفظ على هذا الموعد مفضلة الانتظار لحين لملمة اطراف جمهورها او القيام ببعض الانشطة التعبوية لاستعادة مكانتها وتغطية مثالبها التي كشفها جمهور المحتجين. لهذا يسعى بعضها إلى عرقلة مقترح الكاظمي بإطلاق سلسلة من المعوقات سواء خلال مناقشة قانون الانتخابات الان او بشأن الموعد.
ففي الشأن الاول اقترحت كتل سياسية اجراء بعض التعديلات عليه اذ ان التصويت عليه في ايلول العام الماضي كان مستعجلا وتم تحت الضغط الاحتجاجي الشعبي .  ويرى بعض المتابعين من المختصين بالشأن الانتخابي ان هناك اربعة اسباب رئيسة خلف تأخير التصويت على ملاحق وجداول قانون الانتخابات وهي مسألة الدوائر الانتخابية،اذ ان كل كتلة تسعى لان تكون الدائرة الانتخابية على مقاسها.
فبعض الكتل السياسية تعمل على ان يكون العراق عبارة عن دائرة انتخابية...اي بقوائم مغلقة ودائرة واحدة..وغيرها تريد ان تكون الدوائر على مستوى المحافظة كما كان في الانتخابات السابقة.
فيما تسعى كتلة اخرى الى ان تكون الدوائر الانتخابية على مستوى الاقضية كما جاء في النسخة المرسلة من الحكومة الى مجلس النواب.
ونرى تعدد الاهواء والاتجاهات بحسب المصالح الحزبية والكتلوية.
ولكن يبقى رأي المرجعية الدينية والحراك الاحتجاجي يفرض نفسه وهو اعتماد الدوائر المفردة والترشيح الفردي وهو مايمكن ان يكون بوابة للتغيير والاصلاح السياسي.