وظيفة أم فرصة عمل؟!

العراق 2020/08/16
...

سالم مشكور
 
يتظاهرون مطالبين بوظائف حكومية، والمسؤول يستجيب، كإجراء سريع وإذا حاول التوضيح بان الوظيفة الحكومية ليست سوى بطالة مقنعة تثقل كاهل الخزينة، لا أحد يسمع أو يقتنع، لأن الإنسان يبحث عن مورد للعيش، ولأن ثقافة النظام الاشتراكي التي تحصر كل شيء بالسلطة وتشجع على الخمول والاتكالية، ما زالت حاكمة على العقول، ولان نظام ما بعد 2003، لم يُوجد البديل بقطاع خاص مزدهر يوفر فرص عمل منتجة مشفوعة بقانون يساوي بين الوظيفة الحكومية والخاصة من ناحية التقاعد.
الاتكالية والكسل الذي تنتجه الأنظمة الشمولية، يجعل البحث يجري عن وظيفة وليس عن فرصة عمل. باختصار: هو بحث عن راتب شهري قد يكون- وفي الغالب - بلا عمل حقيقي، بل بطالة مغطاة قد تؤثر سلباً في سير العمل في الدوائر والمؤسسات الحكومية. تجربة تشغيل 25 ٪ من الكادر الوظيفي الرسمي في ظل جائحة كورونا كشف  عن حقيقة أن هذه النسبة كافية لتسيير العمل الرسمي، الذي استمر بسلاسة وهدوء أكبر. يعني هذا أن 75 ٪ من الموظفين هو فائض عن الحاجة الفعلية، وأن الدولة باتت أكبر مؤسسة للرعاية الاجتماعية فيما يغيب الاقتصاد المنتج، ويبقى الاعتماد على نفط ينهار سعره كل حين فيصبح همّ الحكومة، كل شهر، توفير رواتب الموظفين.
حقيقة يجب أن ندركها وهي أن نظام الرعاية والخمول انتهى، وأن الحكومة غير مجبرة على توظيف كل المتخرجين من جامعات ازدادت عددا بشكل لافت وبات المتخرجون منها بأعداد كبيرة تفوق قدرة أي جهاز وظيفي على استيعابها. في المقابل، من حق كل فرد الحصول على فرصة عمل تحفظ كرامته وتؤمن معيشته. الدولة بمؤسساتها التشريعية والتنفيذية، واجبها توفير فرص العمل، ليس في جهازها الوظيفي، انما بخلق فرص عمل حقيقية من خلال دعم القطاع الخاص وتنشيطه وتوفير الضمانات القانونية للعاملين فيه ليكون العمل فيه أفضل لهم من القطاع العام. نحتاج أيضا الى تغيير ثقافة الكسل السائدة، الى ثقافة العمل الحقيقي الذي يحقق للإنسان ذاته ويشجعه على تطوير مهاراته وبالتالي ظروفه المادية. الاقتصادات الحديثة تشجع المبادرات الفردية والابداع الذي يبدأ بمشاريع صغيرة تتحول تدريجيا الى مشاريع كبيرة.