حَجر العنف

اسرة ومجتمع 2020/08/24
...

ذوالفقار يوسف
لا يخفى على من امتطى جواد الهجرة الى الدول الاوروبية، بأن هذه التجربة يرافقها العديد من القوانين التي يجب ان يلتزم بها اللاجئ في كل دولة يسكن فيها مع اسرته، فاوروبا ليست كالعراق في كل شيء، ليست في الاستيقاظ واوقات النوم، كما في الخروج من المنزل وما يقابله من المكوث فيه، فبالنسبة لمن يقدم للجوء يتحتم عليه البقاء في السكن بشكل مستمر. 
اذ يكون مراقباً طول اليوم من قبل الحكومة، لتقييم مدى اهلية طلبه للجوء، فلا يوجد هناك ما يشغلك، ولا تستطيع العمل بسبب اجراءات اللجوء، وما اشبه وضعنا في اوج طوفان الوباء بتلك الايام والظروف. 
اذ انه حَجر بلا كورونا ليس الا، وسيكون عليك الجلوس وزوجتك في الغرفة نفسها منذ ان فتحت عينيك في الصباح الى أن تغلقهما للنوم في اخر اليوم، اما التسلسل الهرمي للانسان فيكون الطفل على قمته من حيث الاهتمام والرعاية واكتساب الحقوق، لينتهي بالرجل. 
اما الزوجة والام والبنت مقدسات، صادقات حتى وان كذبن، لديهن من القوة والسلطة بأن يجعلنك تهاجر مرة اخرى وانت في دول المهجر. وبكلمة واحدة سيقطعن عنك كل ما كان لديك، وكل ما سيكون لديك في ايامك المقبلة وانت هناك، كل شيء مقرر مسبقاً بالسنتهن، ومطاع بعد ان تتلقفه مسامعك، فقد تشاركهن في اعمال المنزل، او قد تقوم بها لوحدك. 
اما العنف الذي مهما كانت انواعه واشكاله فهو بعيد جداً عن حياتك وزوجتك واطفالك، مجبراً كنت ام راضياً، فأنت كرجل عراقي، ستكون ذلك الحمل الوديع كلما طال وجودك هناك، ومع ذلك الحَجر المنزلي سيكون من المستحيل الا ترافقه بعض المشكلات الزوجية، ومع هذا ستكتم ذلك الاسد الصارخ في كل مرة تحاول طبيعتك العراقية ان تسيطر عليك، ان تقوم بَحجر ذلك العنف، فهناك المرأة قادرة واحيانا عندما يتطلب الامر قاهرة، قاصمة لظهرك اذا اظهرت ظلك الذكوري امام كبريائها. 
هناك المرأة تقود الباصات وعجلات الحمل الضخمة، وعاملة في محطات الوقود (بوزرجية)، او راقصة ترفيهية في احد الشوارع، وشرطية في قوات حفظ النظام، وقاضية!، كل ذلك يعلمنا بأننا نحن الرجال الذين وضعنا المرأة في خانة الضعف، وعندما اصبحت كما نريد
عنفناها!.