عاشوراء الحسين {عليه السلام} وحداد {كورونا}

ريبورتاج 2020/08/25
...

كربلاء/ أ ف ب
أجمعت معظم المرجعيات الدينيَّة في النجف الأشرف وبقية أنحاء العالم، على ضرورة اتخاذ إجراءات وقائيَّة صارمة، لتفادي تفشي وباء (كوفيد – 19) خلال موسم عاشوراء. ويصادف العاشر من شهر محرّم الهجري، الذكرى السنوية لاستشهاد الإمام الحسين “عليه السلام”، في مدينة كربلاء المقدسة عام 61 هجري/ 680 ميلادي. وككلّ عام، تبدأ مراسم الحداد على الحسين “ع” في مطلع شهر محرّم، وتستمر أربعين يوماً، وتتخللها مسيرات ومجالس عزاء ومواكب، تبلغ أوجها في العاشر من محرم.
ويوم 30 آب، من المتوقع أن يحتشد آلاف في ذكرى عاشوراء التي تبلغ فيها المراسم ذروتها وعادة ما يتم التعبير عنها بمواكب عزاء ضخمة تتخللها طقوس التطبير بالسيوف على الرؤوس وجلد الأجساد بالسلاسل تعبيراً عن الحزن على استشهاد الإمام الحسين وعدد من أفراد أسرته وصحبه “ع”.
 
“مختلف بشكل كبير”
كما تم نصب خيام ضخمة كالمعتاد لاستضافة الزوار في بغداد والبصرة والوجهة النهائية كربلاء، ولكن مع تطور جديد: محاولة تطبيق اجراءات التباعد الاجتماعي. 
على الأرض ، تشير ملصقات آثار الأقدام أو الأعمدة الكبيرة إلى المسافة التي يجب أن يبتعد بها الزوار بعضهم عن بعض. 
وقال سليم مهدي صاحب موكب في البصرة بالقرب من الحدود العراقية الإيرانية: “الأمر مختلف بشكل كبير عن السنوات الأخرى”.
واضاف ان “الناس يعقمون انفسهم بمجرد دخولهم الخيمة، ثم يبتعدون عن بعضهم البعض ويعقمون انفسهم مرة اخرى”.
وتكيف بعض الزوار بسرعة. وقال علي مؤدب الذي يكتب الأشعار الحسينية التي تنشد خلال شهر محرم، إنه سينشد القصائد مباشرة على إنستغرام. 
واضاف “سأقرأ لأسرتي كتباً تحكي قصة الإمام الحسين”.
 
أعلام كبيرة
أما في هذا العام، فانَّ المؤشر الوحيد الى بدء شهر محرم هو الاعلام السوداء التي انتشرت في كل مكان بدون مواكب او مسيرات في الامكان العامة.
وفي كربلاء ، كانت الحشود أقل بشكل ملحوظ تحت اللافتات السوداء التي توشح بها ضريح الإمام الحسين. وللمرة الأولى كان اغلب الزوار من السكان المحليين بعدما تم حظر الدخول إلى المحافظة لسكان المحافظات الاخرى. 
ودعا آية الله العظمى السيد علي السيستاني، إلى بث مراسم العزاء على الهواء مباشرة وناشد المؤمنين الصلاة في المنازل وحثهم على وضع الكمامات والابقاء على التباعد الاجتماعي إذا كانوا يصلون في الأماكن العامة.
ولم يمنع السيد السيستاني إقامة المجالس العامة، شرط “الالتزام بالضوابط الصحية التزاماً صارماً، وأن يراعى فيها التباعد الاجتماعي بين الحاضرين واستخدام الكمامات الطبية”.
وحثّ السيستاني على رفع الأعلام واللافتات السوداء في الساحات والشوارع والأزقة والأماكن العامة، مع مراعاة الشروط الصحية في توزيع الأطعمة، وإيصالها إلى البيوت تفادياً للازدحام.
وكانت اللجنة العليا للصحة والسلامة في العراق، قد قررت الأسبوع الفائت تمديد حظر التجوال الجزئي ليطبق من الساعة العاشرة مساءً وحتى الخامسة فجراً، ومنع دخول الزائرين لأداء مراسم محرم من خارج البلاد “منعاً باتاً”.
وقالت اللجنة في بيان: إنها “قررت منع الزائرين للسياحة بأشكالها كافة من خارج العراق منعاً باتاً، والتأكيد على التزام المواطنين بالتعليمات والتعاون مع السلطات في تطبيقها ومنع المخالفين، والاكتفاء ببث المجالس الحسينية عبر التلفزيون”.
كما حثت المواطنين على “الاقتصار على إقامة المجالس العائلية المحدودة في منازلهم، وعدم نصب السرادق، والالتزام بالتباعد الجسدي وفواصل لا تقل عن مترين في كل اتجاه، مهددة المخالفين بتحمل المسؤولية القانونية والشرعية والأخلاقية”.
هذا وعزت اللجنة قراراتها إلى استمرار خطورة الموقف الوبائي لفيروس كورونا وخطورة أي تهاون في منع التجمعات البشرية.
 
التباعد الاجتماعي
كذلك أعلنت العتبتان الحسينية والعباسية في كربلاء المقدسة عن تطبيق التباعد الاجتماعي، والتزام الشروط الصحية، وتنظيم المواكب والردات وفق جدول، واختصار العزاء بين يوم نزول ويوم استراحة.
كما أعلنت شرطة كربلاء إقفال المحافظة لمدة 13 يوماً على الوافدين للسياحة الدينية من خارج العراق، وتعزيز الإجراءات القانونية بحقّ المخالفين.
وفي الأيام الأولى لمحرم، كانت الحشود في كربلاء أقل بشكل ملحوظ تحت اللافتات السوداء التي توشح بها ضريح الإمام الحسين. وللمرة الأولى كان أغلب الزوار من السكان المحليين بعدما تم حظر الدخول إلى المحافظة لسكان المحافظات الأخرى.
لكنَّ عراقيين من محافظات أخرى تمكنوا من التسلل إلى المدينة مستخدمين طرقا للتحايل على نقاط التفتيش.
 
آثار سلبية
وقد ألحق وباء (كوفيد - 19) آثاراً سلبية بجميع الشعائر الدينيَّة حول العالم، وبرز ذلك على وجه الخصوص إسلامياً، في موسم الحج الأخير، إذ سمحت المملكة العربية السعودية بالحج للراغبين من داخل مدنها فقط.
ودعت المرجعيات الدينية في إيران، والعراق، ولبنان، والبحرين، وغيرها، للالتزام بالمعايير الصحية خلال عاشوراء.
وكانت إيران أكثر البلدان تضرراً من فيروس كورونا، وعدّت العتبات المقدّسة حيث تعقد تجمعات شعبية كبرى، مصدراً لانتشار العدوى، مع تأكيد أوّل حالة إصابة في مدينة قم.
وتلافياً لتكرار ما حدث في شباط الماضي، حظر المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، ووزارة الصحة الطقوس والمواكب ومآدب الطعام المعتادة على نطاق واسع في الأماكن المغلقة.
كما أعلنت اللجنة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا في البلاد، إجراء مراسم العزاء في الأماكن المفتوحة فقط، على ألا تتجاوز مدتها الساعتين، مع التزام بارتداء الكمامات، والتباعد لمسافة مترين على الأقل.
ومنعت اللجنة الاختلاط بين مواكب العزاء، وتوزيع النذور والمأكولات، واستخدام الطبول والدفوف والأدوات المماثلة، بينما سمحت باللطم وضرب الجنازير من دون تنقّل.
وأعلن نائب رئيس منظمة الأوقاف الإيرانية الشيخ غلام رضا عادل أنّ ألفي عتبة مقدسة في البلاد تستعد لإقامة المجالس الحسينية، على أنْ يتجمع المعزون في الساحات، منعاً للاكتظاظ.
وبحسب وكالة “فرانس برس”، وصفت صحيفة “أرمان” الإصلاحية الإيرانية ما يحصل بأنه “اغرب محرم في القرن”.
 
محرم في لبنان
وفي لبنان، قال رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عبد الأمير قبلان إنّ مجالس العزاء ستقتصر على وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، مشدداً على “ضرورة التزام التوجيهات والإرشادات الطبية واتخاذ أقصى الاحتياطات والتدابير الدقيقة التي تحول دون تفشي الفيروس”.
كذلك أعلن أمين عام حزب الله حسن نصر الله أنّ الحزب لن ينظّم مسيرات عاشورائية، داعياً إلى تحويل مواقع التواصل الاجتماعي إلى منابر حسينية، محملاً من يريد إقامة مجالس عزاء “مسؤولية شرعية” في ظل انتشار كورونا.
وكانت وزارة الداخلية اللبنانية قد منعت كل التجمعات الشعبية والمناسبات الاجتماعية تحت طائلة تنظيم محاضر ضبط بحق المخالفين.
وفي البحرين، أصدرت الأوقاف الجعفرية لائحة ضوابط لإحياء مراسم عاشوراء، منها اقتصار المجالس الحسينية على البثّ عن بعد، ورفع الرايات السوداء، والسماح بتشغيل مكبرات الصوت بالتزامن مع بثّ القراءة الحسينية.
وكان المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في البحرين قد أعلن “استمرار تعليق الصلوات في المساجد وتعطيل العبادات الجماعية والتجمعات الدينية لحين تحقيق الانخفاض المطلوب في مؤشرات انتشار الوباء بحسب ما يقرره أهل الاختصاص”.
وقد قوبل القرار بالانتقاد من المرجعية الدينية البحرينية الشيخ عيسى قاسم الذي رأى فيه “حرباً على الحسين”. ومن جهته، دعا الشيخ الشيعي البارز أحمد سلمان المخوضر، “إلى الاستماع للخطباء في عاشوراء من المنزل أو متابعتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.
وفي محافظتي الإحساء والقطيف السعوديتين، أعلنت مجالس العزاء والحسينيات عن استقبال عدد محدود من المعزين، بينما اكتفت بعضها ببث مراسم العزاء عبر التطبيقات الهاتفية.
كما فرضت المجالس التباعد الاجتماعي على المشاركين، وارتداء الكمامات، مع عدم السماح لمن تتجاوز أعمارهم الخامسة والستين بالمشاركة.