هافانا تضع بصمتها في أوروبا

بانوراما 2020/08/27
...

توم فيليبس 
 
ترجمة: خالد قاسم
استقبلت ايطاليا خلال الآونة الأخيرة فرقا طبية كوبية لمساعدتها بمواجهة وباء كورونا، لكن نقادا يقولون إن حكومة كوبا تستغل الأزمة لصالحها، وسبق لتلك الفرق أن شاركت بمواجهة عدة كوارث عالمية في التاريخ المعاصر، مثل زلازل في اندونيسيا وباكستان وتفشي الكوليرا في هايتي ووباء ايبولا الأفريقي، حيث كسبوا اشادة دولية على عملهم المحفوف بالمخاطر، ودخلت تلك البلدان رافعة علم بلادها الأحمر والأبيض والأزرق.
أما الآن ومع مواجهة دول العالم لوباء كورونا، تقف الكوادر الطبية الكوبية على الأرض مجددا ولكن في موقع غير مألوف نسبيا وهو أوروبا. وقد اعتاد النظام الشيوعي الكوبي، منذ زمن طويل على ارسال فرقه الطبية الى الخارج لمساعدة الناس والتأثير فيهم.
يقول بول هاير، سفير بريطاني سابق في هافانا: إن الزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو أطلق سياسة «دبلوماسية الأطباء» بعد فترة وجيزة من استيلائه على السلطة سنة 1959 كوسيلة لاستخدام مهنييه المدربين جيدا بهدف تصدير الأفكار الثورية وكسب أصدقاء جدد: «كان كاسترو ستراتيجيا للغاية، ورأى أن بلاده لديها فائض من الأطباء ورأى ذلك وسيلة لحشد الدعم الدبلوماسي في بادئ الأمر، وأن كوبا ليست شبيهة بكوريا الشمالية، فقد أرادت دعما دوليا باستمرار.»
أصبحت تلك الخطة منذ ذلك الحين مصدرا اقتصاديا حيويا، ومع أن بعض البعثات قدمت خدماتها مجانا، لكن دولا أخرى دفعت لكوبا مقابل الخدمات الطبية ما يصل الى أكثر من ستة مليارات دولار سنويا لتكون أكبر مصدر للعملة الأجنبية لكوبا.
 
ترحيب أوروبي
ازدادت أهمية هذه السياسة حاليا مع تفشي كورونا الذي دمر قطاع السياحة الكوبي المهم أيضا للدخل القومي، ويعمل نحو 28 ألف محترف طبي كوبي في بقاع مختلفة من العالم، وتحديدا؛ الدول النامية، لكن الوباء الجديد شهد بروز اتجاه جديد متمثل بارسال كوبا «ألوية» طبية لدعم الخدمات الصحية المستنزفة في الدول الأوروبية المتطورة، فقد حطت فرق طبية منذ شهور في أندورا، وهي إمارة صغيرة بين فرنسا واسبانيا، وانتقلت الى منطقتين من أكثر المناطق الايطالية اصابة بالوباء: لومباردي وبيدمونت اللتين شهدتا وفاة أكثر من 17 ألف شخص، واحتفلت الصحف والسياسيون المحليون بالتعزيزات الكوبية.
تقول ستيفاني بانيشيلي باتالا، وهي أكاديمية بجامعة وارويك وتدّرس الدبلوماسية الطبية الكوبية، إن أحد أهداف عمليات الانتشار الانسانية هو إعادة رسم صورة كوبا الشيوعية في الصحافة العالمية.لكن الادارة الأميركية تنظر للقضية بشكل سلبي بعد أن وصفت كوبا الى جانب نيكاراغوا وفنزويلا بأنها «ترويكا الاستبداد» في أميركا اللاتينية وباتت تسعى لخنق اقتصادها، وتقول الخارجية الأميركية إن الكوادر الطبية الكوبية تعرضوا للاستغلال من قبل حكومة بلادهم وانهم تساء معاملتهم في تلك المشاريع لهدف ملء خزائن النظام الكوبي.
غير ان ستيفاني تستدرك الأمر وتعلق بالقول بأنه: «مهما كانت نوايا الفرق الطبية الكوبية ومهما كانت المكاسب من تلك البرامج، فعلينا الاعتراف بعملهم الجيد وتأثيرهم الايجابي».
 وقد إلتقت ملاكات طبية كوبية وكانت قد صلت الى دول مثل غواتيمالا واثيوبيا وتيمور الشرقية وغانا والبرازيل وتنزانيا، حيث يشيد السكان والسلطات المحلية بعملهم الذي أحدث فارقا
جيدا،يبدو أن الحال نفسه لمسته ايطاليا عندما بدأ أول «لواء» طبي كوبي منذ آذار الماضي (عندما كانت الأزمة المرضية تبلغ قمتها) بمستشفى ميداني في مدينة كريما الشمالية، أما الفريق الثاني والمكون من 21 طبيبا و16 ممرضة، فقد قادهم أخصائي بأمراض الكلى وعمل سابقا في الأمازون الفنزويلية ووصل الى تورينو بعد فترة ليحل مكان الملاك الايطالي المرهق.
لقد انتشرت ألوية طبية كوبية أخرى عبر العالم لمكافحة فيروس كورونا في 20 دولة، بدءا من جنوب أفريقيا وصولا الى سورينام الأميركية
الجنوبية.