* العرقطائفية السياسية هي: صيغة الحكم التي تماهي السلطة بالعرق والطائفة لإنتاج النظام السياسي للدولة، وتتجسد إمّا باحتكار جوهر سلطات الدولة لصالح مكوّن عرقي طائفي محدد، أو بتقاسم سلطات الدولة على عدد مكوّناتها العرقية الطائفية. الصيغة الأولى تُنتج دولة المكوّن الواحد، والصيغة الثانية تُنتج دولة المكوّنات. وتعد الدولة العراقية قبل 2003م دولة عرقطائفية تعتمد نظاماً مركزياً صلداً ومغلقاً، في حين تعد الدولة العراقية بعد 2003م دولة توافقية عرقطائفية تعتمد نظاماً توافقياً هشاً متصارعاً غير مكتمل البنية بعد.
* عندما تتحوّل الدولة من سلطة جمهور (سياسي وطني) إلى سلطة مكوّن (عرقي طائفي) ستفشل كمشروع أمّة/دولة وتنجح كمشروع مكوّن/سلطة، عندها ستعيش التناقض بداخلها وتكون فريسة للصراع الداخلي والاستلاب الخارجي. وهذا ما ابتليت به الدولة العراقية حتى سقوط نموذجها في 2003م، فقد أريد لها أن تكون سلطة مكوّن لا دولة جمهور ما أدى الى ضرب وحدة أمة الدولة وتشظيها، فالدولة وسياساتها اتسمت باللاعدالة والتمييز والاضطهاد مما أحيا الهويات والتخندقات السياسية لدى المكوّنات الأخرى التي حرمت من حقوقها الوطنية المتساوية،.. لقد فقد الحكم قبل 2003م حياديته وتمثيله الصادق لجميع مواطنيه فشتت الأمّة وهدَّ الدولة.
* الدولة أمّة وطنية متنوعة يقتلها التسييس القومي والانحياز الطائفي والتوظيف الإثني، وهذا ما عانت منه الدولة العراقية قبل 2003م ما أصاب وجودها بمقتل، فلا روح ووحدة لأمّة الدولة مع العرقطائفية السياسية التي تُبقيها كتلاً بشرية عرقية طائفية منغلقة على نفسها ومتناشزة لا تتحس كونها أمّة وطنية تمثل الدولة وتمثلها الدولة.
* بعد 2003م أُدخلت الدولة العراقية عهداً جديداً، إذ تم تحريرها من سلطة المكوّن، ولكن تم سجنها مجدداً بسلطة المكوّنات من خلال اعتماد العرقطائفية السياسية المكوّناتية وما أنتجته من نظام توافقي عرقطائفي حزبي قام على أساس من مبادئ المكوّن والشراكة والتوازن والمحاصصة، فأوجد نظاماً سياسياً ملغوماً ينوء بالأزمات والصراعات والابتلاعات للدولة. لذا لم تتحرر (في العمق) الدولة من العرقطائفية السياسية التي حرمت العراق من مشروعه الوطني العادل والجامع.
*خلافاً للدستور العراقي المقر في 2005م، فإنَّ العملية السياسية العراقية اعتمدت – توافقياً - العرقطائفية السياسية كأساس لإنتاج النظام السياسي الجديد، فنظّمت سلطات الدولة على وفق مكوّناتها العرقية الطائفية، والتنظيم هنا خضع لحجوم المكوّنات المستحصلة انتخابياً لإدارة الحكم توافقياً، وهو ما جعل الدولة دولة توافقية عرقطائفية، كونها قُعّدت على وفق أسس: المكوّن - الشراكة - التوازن - الحزب التمثيلي للمكوّن. الخطير بصيغة الحكم العرقطائفي هذه أنها: تضرب بالصميم المواطنة والمواطنية والتعايش كوحدات انتماء وولاء وتضامن بسبب اعتمادها فكرة المكوّن بالاعتراف والتمثيل والمصلحة داخل الدولة، وتعمل بالضد من وحدة سلطات الدولة بسبب التوازن، وتشل فعل الدولة تحت مسمّى الشراكة، وتبتلع قوى المكوّنات مؤسسات الدولة جرّاء المحاصصة، وتخلق دويلات داخل الدولة كونها تحوّل التنوع الاجتماعي الطبيعي إلى سياسي سيادي يستند إلى أصالة الهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية الكلية، وتعقّد شبكة صراع المصالح الحزبي المكوّناتي على الدولة ومواردها.
* العرقطائفية السياسية هي أم الخطايا السياسية التي أوجدت كل هذا الكم من التناقضات والكوارث للعراق، وعلى نخب الدولة مغادرتها كنظرية حكم فيما لو أردنا للدولة البقاء والارتقاء.