ترجمة: أنيس الصفار
على أطراف أوروبا تتصاعد التوترات بين دول تتنافس بينها، فالأزمة المتأججة في بيلاروسيا قدحت شرارة الخوف من حدوث تدخل روسي مسلح، في حين تضع المجابهة في شرق المتوسط تركيا بمواجهة اليونان وقبرص وفرنسا.
بيد أن التوترات الاخطر تقترب من نقطة الغليان في بحر إيجة، حيث تشارك فرنسا وإيطاليا واليونان وقبرص في تمارين عسكرية، هذه التمارين البحرية تأتي رداً على اجراء تركيا مناورات ضد اليونان وقبرص متذرعة بمطالب بحرية.
بيّن تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" أن التوترات بدأت بالتصاعد في منتصف شهر آب، حين ارسلت تركيا سفينة استكشاف زلزالية تحميها سفن بحرية الى منطقة تقع شرق البحر المتوسط، فأرسلت اليونان من جانبها اسطولاً صغيراً الى المنطقة نفسها، عندئذ اصطدمت فرقاطة يونانية بسفينة حربية تركية وتضررت الأخيرة، هذا الحادث ابرز امكانية وقوع صدام مسلح، سواء بقصد أو بغير قصد، وقد رد الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" بإرسال قوة بحرية لدعم اليونان.
استشاط المسؤولون الاتراك غضباً حين نشرت فرنسا طائراتها الحربية في قبرص، ولكن هذه المواجهة الجيوسياسية اعطت الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الفرصة لارتداء عباءة الوطنية والنهوض مطالباً بحقوق تركيا بوجه القوى الأوروبية التي تحاول حرمانها منها أو تدميرها.
قال اردوغان: "ندعو نظراءنا الى التحلي بالفطنة وتجنب الوقوع في اخطاء تودي بهم الى الدمار، من لديه الرغبة في مواجهتنا وتحمل الثمن فأهلا به، أما اذا لم يكن مستعداً لذلك فليتنح جانباً".
بيد أن المسألة لا تنحصر ببساطة في نزعة اردوغان للانتقام، كتب المحلل "جون باولوس" يقول: "سياسة تركيا الخارجية طيلة العقد الماضي، القائمة على فرض الوجود في سوريا وليبيا وشرق المتوسط، جعلت البعض يتحدثون عن العثمانية الجديدة، من دون أن يتكلفوا مشقة تحسس مصالح تركيا الجيو اقتصادية" في اشارة الى حاجة الاقتصاد التركي الجريح لاستغلال ثروات الغاز الطبيعي المكتشفة حديثاً في بحر إيجة والبحر الاسود.
تقول صحيفة "إيكونومست" ان هذا السعي المحموم وراء الموارد وكيفية استغلالها، قد ازم اجواء التوتر الدولي، والسبب كامن في تعقيدات تاريخ وجغرافية منطقة شرق المتوسط.
يعتقد الخبراء بأن أنقرة تأمل في الضغط على غريمتها أن تجبرها على تقديم التنازلات، فمن خلال تكتيكات استعراض القوة تحاول تركيا اثبات مسألتين، الأولى ان اليونان لن تقوى بمفردها على فرض الخارطة التي تريدها على تركيا، وان تركيا سوف ترد حتى لو وصل الأمر الى القوة العسكرية. ثانياً محاولة اجبار اليونان على التفاوض مع تركيا واضعة نصب عينها التوصل الى خطة تقسيم عادلة لمنطقة شرق المتوسط.
مصداقية اوروبا الان على المحك، كما يقول وزير الخارجية القبرصي "نيكوس كرستودولايدس" الذي يمضي مضيفاً: "على دول الاتحاد السبع والعشرين ان تقف معاً الى جانب القيم الدولية"، بيد أن أوروبا ليست موحدة كما يأمل القبارصة، بل ان بعض الدول لا تقر حتى الموقف الذي اتخذه ماكرون ضد تركيا.
إيشان ثرور
عن صحيفة واشنطن بوست