فرق نسويَّة ايزيدية لإزالة الألغام

بانوراما 2020/09/04
...

كيت دينيريز
  ترجمة: خالد قاسم
أواسط العام 2014، زرعت عصابات داعش الارهابية الألغام في منطقة سنجار وهجّرت الايزيديين، لكنَّ مجموعة من النساء تعمل الآن على تطهير تلك المنطقة لأجل السماح بعودة الناس الى منازلهم. تقف “هناء خضر” أمام خارطة كبيرة ذات نقاط خضراء تدل على مواقع الألغام وتقول “هذا المكان حيث عاش الايزيديون معا، وحيث عشت طفولتي، لدي ذكريات كثيرة هنا وهو مهم جدا بالنسبة لي”.
المكان هو سنجار وتتحدث هناء عبر مكالمة فيديو من مكتبها هناك، وتضيف: “هذا العمل مهم جدا لي لأني أشعر بقيامي بعمل جيد لأسرتي ومجتمعي والمهجرين من سنجار، وأساعدهم بالعودة يوماً ما عبر إزالة 
الألغام”.
احتلت عصابات داعش الارهابية تلك المنطقة بحلول مطلع آب 2014 وقتلت نحو خمسة آلاف أيزيدي واختطفت ستة آلاف امرأة وطفل، وهجّرت مجتمعا عاش في بلدات وقرى حول جبل سنجار منذ قرون، وعندما طردت عصابات داعش من سنجار اواسط العام 2017 زرعت مئات الآلاف من الألغام الأرضية ومتفجرات أخرى في المنازل والمباني والحقول، وصنعت داعش تلك المتفجرات بحجم كبير، لكنها استخدمت أيضا المواد المنزلية مثل القدور والمقالي وحتى أدوات التحكم بألعاب الفيديو لصنع عبوات 
ناسفة.
 
تعليم المجتمع
جزء مهم من عمل هناء هو تعليم المجتمع، والأطفال خصوصا، لأنهم الأكثر عرضة للخطر.
ويعرض فيلم جديد بعنوان (Into the Fire ) تتبع هناء وفريقها من النساء الايزيديات في “مجموعة الألغام الاستشارية” وهي جمعية خيرية دولية تزيل القنابل غير المنفجرة في مناطق الحروب السابقة عبر
العالم.
الانتشار عالي المستوى للألغام هو أحد أسباب عودة ربع سكان المنطقة فقط الى منازلهم بعد ثلاث سنوات من تحرير سنجار، ولا يزال هناك 300 ألف ايزيدي يعيشون في مخيمات وملاجئ مؤقتة ضمن إقليم كردستان العراق، تحت ظروف سيئة وعدم القدرة على الوصول للخدمات، اضافة الى فقدان أكثر من ألفي إمرأة 
وطفل.
 
دمار وإهمال
وبالنسبة لمن قرر العودة فهم يعيشون تحديدا في منطقة شمال الجبل الذي يقسم سنجار، لأنه أقل تأثرا بالألغام من جنوب الجبل، والسبب هو قصر فترة احتلاله من عصابات داعش، وأزالت الجمعية الخيرية الألغام التي كانت مزروعة في قرية هناء منذ العام 2016، مما مكنها وأسرتها من العودة ولكن ليس لمنزلهم القديم، بسبب الأضرار الكبيرة التي لحقت به.
تعرضت نسبة كبيرة من منازل ذلك الحي الى أضرار مشابهة، ودمّر الكثير منها تماما، وكذلك الحال بالنسبة للمعابد والمدارس والمباني العامة.
تقول هناء إن القرى تعاني من نقص الخدمات مثل الرعاية الصحية والتعليم، ويضطر اثنان من أطفالها للسير عدة كيلومترات يوميا مخترقين طرقا مليئة بالأنقاض لأجل الوصول الى المدرسة.
يعود جزء من مشكلات سنجار الى كونها تقع ضمن “المناطق المتنازع عليها” بين الحكومة المركزية والإقليم، وترك ذلك الصراع السياسي الأقليات في سنجار وسهل نينوى معرضين للمخاطر.
يضاف الى ذلك تعدد القوى المسلحة ذات الارتباطات المتنافسة العاملة هناك، مما يمنع السكان السابقين من العودة ويقوض اعادة الاعمار، وسلّطت العملية العسكرية التركية الأخيرة الضوء على هذا الواقع الأمني بحلول منتصف حزيران، عندما نفذت تركيا سلسلة غارات جوية على جبل سنجار، مستهدفة مسلحي منظمة “بي كي كي” التابعة لأكراد تركيا، لكنها ضربت مناطق قريبة جدا من المدنيين.
 
فيلم وثائقي
بالرغم من هذه المخاطر إلتزمت هناء بموطنها الذي تحب، وبدأت بزراعة حديقة جديدة، جذب هذا الموقف المخرج البريطاني الفائز بالأوسكار أورلاندو فون إينسيدل الى قصة هناء لإخراج الفيلم الوثائقي الجديد، الذي يتحدث عن شجاعة الناجين من جرائم عصابات داعش، ويهدف لزيادة الوعي بدور النساء في إعادة بناء مجتمعاتهن بعد النزاعات.
تعتقد هناء أن عملها وعمل فريقها يساعد زميلاتها، كان بعضهن أسيرات لدى عصابات داعش، على التعافي وزيادة الثقة بأنفسهن.
ونجح الفريق منذ العام 2016 بإزالة أكثر من 27 ألف لغم من المناطق المحررة.
 
* صحيفة التلغراف البريطانية