متى سيلتزم المواطن بقواعد المرور والحظر الصحي؟

ريبورتاج 2020/09/05
...

  بغداد: ذوالفقار يوسف
 
استقل نظام عجلته للتوجه الى العمل، ارتدى حزام الأمان، لينطلق بها ويدخل مجدداً معترك التخلف في الشارع العراقي، فقد أطلق أحدهم أثناء توقفه في أحد التقاطعات، ضحكة لرؤية نظام وهو يرتدي حزام الأمان، وآخر قد رمى الأوساخ من خلال نافذة عجلته، حينها ترجل نظام بسبب رؤيته لذلك الشاب وهو يرمي ما تبقى من سيكارته في الشارع، وبينما حملها بحرقة سمع الشاب وهو يقول "البلد ما بي نظام!!".
أوامر لا بدَّ منها
وكما العديد من المشكلات التي يواجهها النظام في العاصمة دامت الشوارع تتنافس في ما بينها للفوز بفرد يتبع القواعد المروريَّة وقوانين وقرارات الحظر الصحي الذي أطلقته خلية الأزمة منذ بداية تفشي جائحة كورونا في البلد، وقد وقع على عاتق مديرية المرور العامة إطلاق التحذيرات والتوعد بالعقوبات التي تفرض على كل مخالف لها، إذ إنَّ الأوامر التي تتلقاها مديرية المرور العامة تصدر من قبل وزارة الداخلية، فضلاً عن خلية الأزمة منذ انتشار جائحة كورونا، فمعالي وزير الداخلية ومدير دائرة العلاقات والإعلام هم أعضاء في هذه الخلية، هذا ما أوضحه مسؤول شعبة الإعلام في مديرية المرور العامة الرائد فادي الخزعلي، مؤكداً "نتلقى الأوامر عبر سلسة المراجع من خلية الأزمة صادرة من مجلس الوزراء، فبالتالي نحن جهة تنفيذيَّة، ننفذ القرارات التي تصدر من الجهات العليا بخصوص خلية الأزمة أو مجلس الوزراء الموقر أو مجلس النواب".
 
كَسر الحظر
لم يكن تفشي الوباء في البلد وزيادة أعداد المصابين الى أكثر من أربعة آلاف مصاب يومياً رادعاً لجعل المواطن يلتزم بقرارات خلية الأزمة والبقاء في المنزل في أوقات الحظر الصحي، بل العكس تماماً، وهذا ما بينته مؤشرات الازدياد بعدد الإصابات اليوميَّة، فبالرغم من وجود رجال المرور إضافة للقوة الماسكة، هناك تهاونٌ من قبل المواطن بالقوانين، لهذا تم فرض غرامة تصل الى 100 ألف دينار على المواطنين من سائقي المركبات التي تكسر الحظر، وقد أكد الخزعلي "كانت هناك أعدادٌ كبيرة جداً من المخالفين في الأشهر الأولى من حظر التجوال، حتى وصل عدد المخالفات الى 45 ألف مخالفة، واستطعنا من خلال جولات تجوال معالي وزير الداخلية والسيد مدير المرور بهذا الخصوص بالسيطرة الكاملة بقرار حظر التجوال، فضلاً عن حجز المركبات المخالفة وإيداعها القواطع المروريَّة".
 
الفئات المستثناة
وعلى الرغم من تسهيل مهمات بعضٍ من الفئات من قرار الحظر، قام البعض من منتسبي هذه الفئات باستغلال هذا الاستثناء بنحو يعرض حياة المواطنين الى خطر الإصابة والإخلال بالنظام، علما أنَّ الجهات المستثناة من حظر التجوال هي الملاكات الطبية البطلة، والقوات الأمنية، والإعلاميون الذين قدمت لهم القوات الأمنية ورجال المرور تسهيلات كثيرة من والى مقار أعمالهم، هذا ما أوضحه الرائد فادي مضيفاً: "شاهدنا بعض الحالات السلبية هنا وهناك، فالبعض منهم يستغل هذا الاستثناء، لهذا تم التوجيه من مدير المرور المحترم بمنع انتقال وتجول الفئات المستثناة من التجوال مع أسرهم في فترات الإجازة أو أوقات ما بعد الدوام الرسمي، لهذا كانت هناك محاسبة رغم أنها حالات قليلة".
 
زوجي وفردي
ومن أجل اتخاذ ما يلزم للحد من تفشي الوباء، وجب على مديرية المرور العامة العودة بعمل نظام الفردي والزوجي للعجلات، إذ كان هذا النظام معمولاً به في السنوات السابقة والصادر عن قيادة عمليات بغداد ولكن تم إلغاؤه بعد حين، إلا أنه لم يعط مؤشراً جيداً في نسبة أعداد المركبات التي تتجول في شوارع العاصمة، فأعداد المركبات في بغداد كبيرٌ جداً، علاوة على استثناء أصحاب مركبات الحمل والأجرة من الحظر، تضاف لها الفئات الأخرى المستثناة.
ويؤكد الرائد فادي الخزعلي "قدم مدير المرور المحترم مقترحاً بإلغاء هذا القرار، كونه لم يحقق ما يصبو إليه السادة المعنيون، وأنْ يكون مبدأ السواسية بين المواطنين هو المعمول به".
 
تسهيلات ولكن!
من مبدأ مراعاة الظروف وحاجة المواطن الى التجول عند الضرورة، قامت مديرية المرور بتسهيل مهمة بعض المواطنين ممن لديه ظروف قاهرة تجعله يخرج من إطار القوانين وكسر الحظر، إذ إنَّ من أولوية واجبات رجال المرور والقوات الأمنية هو خدمة المواطن، إذ علل الخزعلي هذا الأمر: "عندما تجد مواطناً يمرُّ بحالة طارئة فيجب على رجال المرور والأمن القريبين عليه تقديم المساعدة، وهناك تأكيدات كبيرة في تسهيل الحالات الإنسانية ومساعدة المواطنين ومراعاة ظروفهم".
 
مظللة ومضللة
وفي أعقاب العديد من الاغتيالات التي طالت عدة ناشطين، أصدرت الحكومة قرارات حاسمة بشأن المركبات التي لا تحمل لوحات تسجيل والعجلات المظللة التي تضلل رجال المرور والقوات الأمنية ومنعها من الحركة، فوفق البيان الصادر من مديرية المرور العامة بيان رقم 7 لسنة 2020، الذي ينص على محاسبة المواطنين سائقي المركبات التي لا تحمل لوحات تسجيل وما زالت تسير في شوارع العاصمة، فضلاً عمن يحملون اللوحات الورقيَّة، وكما هو معلوم فإنَّ مواقع التسجيل قد افتتحت مرة أخرى، لغرض تسجيل المركبات عبر رابط الكتروني، ويحق له التجوال أثناء عملية التسجيل، يضيف الخزعلي: "هناك ايضاً بيانٌ رقم 8 لسنة 2019 المادة 25 التي نصت على أنْ يمنع منعاً باتاً تجوال المركبات التي لا تحمل لوحات تسجيل، إذ تصل الغرامة لهذه المخالفة الى 200 ألف دينار وحجز المركبة، ويشمل هذا القرار حتى الفئات المستثناة من حظر التجوال، وهذا القانون يخص أيضاً المركبات التي تحمل الستائر أو التظليل".
 
غرامات ولا مبالاة
منذ وصول الوباء الى العراق، صارت الحياة تختلف عن تلك التي عهدناها قبل وصوله، فقد يعرضك قرار خاطئ الى خطر الإصابة أو الموت، لهذا اقتضى أنْ تفرض الدولة الغرامات والتحذيرات لأجل ذلك، المتحدث الرسمي باسم مديرية المرور العامة الرائد فادي يحدثنا عن هذا الأمر ويقول: "هناك لغط كبير بسبب هذا الموضوع وهو ارتفاع الغرامات المرورية والرسوم الخاصة بتسجيلها، لهذا نوضح أنَّ لا صلاحية لمديرية المرور العامة بإضافة أي مبلغ، وإنما هذه الرسوم مثبتة في قانون المرور رقم 8 لسنة 2019 المصوت عليه من مجلس النواب الموقر، والذي صدر مؤخراً، وفق قانون المرور الجديد الذي باشرنا العمل به منذ مطلع الشهر العاشر لسنة 2019، إذ تبدأ هذه الغرامات من 50 ألف دينار حتى 200 الف وكل مخالفة لها غرامة محددة ثبتت من خلال قانون المرور العامة".
 
ابن الضابط
أوضح الخزعلي أنَّ "المرور جهة تنفيذية يقع على عاتقها تنفيذ الأوامر وفرض الغرامات على المركبات والراكبين وبالتعاون مع القوات الأمنية". وهذا ما أكده أحد منتسبيّ وزارة الدفاع ضابط الجمع محمد قاسم في إحدى نقاط التفتيش إذ يقول: "عدة مواقف رافقت القيام بواجبي وخصوصاً ونحن كضباط جمع لا نرتدي الزي العسكري في نقاط التفتيش، ومن أحد هذه المواقف هو مرور عجلة أحد الأشخاص أثناء الحظر، وبعد أنْ واجهناه بمخالفته للقوانين، تفاجأنا بإطلاقه الشتائم، وعندما حاولنا حجز مركبته قال لنا: "تعرفون آني ابن منو؟"، ليسرع بعد ذلك بعجلته ويحطم الحواجز، بعد ذلك علمنا أنه يكون أحد أبناء الضابط الفلاني، ما جعلنا نتوجس خيفة كلما مرت سيارة حديثة أثناء حظر التجوال".