تزايدت مؤخراً توقعات متذبذبة لمنظمات عالميَّة في ما يخص الاقتصاد العالمي للعام 2019، نتيجة عدة عوامل قد تؤدي الى ركود اقتصادي وتراجع في نمو إجمالي الناتج المحلي للاقتصادات الكبيرة بنسبة 0,5 بالمئة.
حالة عدم اليقين هذه تلقي بظلالها على أسواق المال العالميَّة وتزعزع ثقة المستثمرين بمديات النمو الاقتصادي في العام الحالي.
إلا أنَّ خبراء اقتصاد عدوا هذه التوقعات بالتشاؤمية، مقللين من حدتها في إجراءات ونظريات على أرض الواقع.
عوامل ومؤشرات
وأبرز العوامل التي بإمكانها إحداث ركود عالمي، بحسب خبراء ومنظمات اقتصادية عالمية هي: انخفاض معدلات النمو الاقتصادي العالمي، تصاعد وتيرة الخلافات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وصولاً الى حرب تجارية قد تضر دول العالم الأخرى، الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، أما عن النفط فهناك توقعات بزيادة المخزون العالمي وفائض في المعروض ما يؤثر سلبا في سعر البرميل في السوق النفطية، فضلاً عن أزمة ماليَّة عالميَّة تلوح في الأفق نتيجة تذبذب في مؤشرات البورصات العالميَّة.
وبهذا الشأن، يرى المختص في المجال المالي ثامر العزاوي في تصريحه لـ"الصباح" أنَّ "هذه التوقعات التي تشير الى ركود اقتصادي إنما هي نظرة تشاؤمية، إذ لا يمكن التكهن بصورة دقيقة في هذا المجال، لا سيما أنَّ الاقتصاد العالمي تحركه الدول الكبرى التي أصبحت تتبع سياسات وقائيَّة بعد أزمة وول ستريت المالية في العام 2008".
خلافات تجاريَّة
وأشار المختص الى أنَّ "المعطيات الأخيرة تثبت عكس التوقعات، أبرزها على الصعيد التجاري في مجال الخلافات التجارية بين الولايات المتحدة والصين التي سجلت بداية لحل هذه الأزمة بعد تصريحات وزارة التجارة الصينية بلقاء مرتقب بين مفاوضين من الولايات المتحدة والجانب الصيني، معتقداً التوصل الى اتفاق يرضي الطرفين ويحقق توازناً تجارياً عالمياً".
وأكدت وزارة التجارة الصينية أنَّ مفاوضين من الولايات المتحدة سيزورون الصين يوم غد الإثنين والثلاثاء لعقد أول لقاء بين القوتين الكبريين منذ اجتماع رئيسيهما مطلع كانون الأول لمحاولة تخفيف حدة الخلاف التجاري
بينهما.
وأوضحت أنَّ الوفدين سيبذلان جهوداً لتنفيذ التفاهم المهم الذي تم التوصل إليه في الأرجنتين بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والصيني شي جينبينغ.
وبعد أشهر من فرض عقوبات تجارية متبادلة، اتفق ترامب وشي على هدنة حددت بثلاثة أشهر وتنتهي في الأول من آذار، لإعطاء فرصة للمفاوضات.
وقد بدأت حرب تجارية خلال معظم العام الماضي 2018، وهو ما عطل تدفق سلعٍ بمئات المليارات من الدولارات، ما قد يؤدي الى مخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي.
المصدر الوحيد
واضاف العزاوي أنَّ "اللقاء المرتقب بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم وفور الإعلان عنه قد دحض التوقعات بانخفاض أسعار النفط، الذي سجل ارتفاعا وصل الى أكثر من دولارين ليتجاوز حاجز 58 دولاراً للبرميل، وسط ذلك أكد المنتجون من داخل منظمة الأوبك ومنها العراق ومنتجون من خارجها على الالتزام الكامل باتفاق الخفض الأخير لإنتاج الخام، لتحقيق التوازن بين العرض والطلب في السوق العالميَّة".
كما أكد أنَّ الطلب على النفط لن يتراجع كونه المصدر الوحيد الذي يولد طاقة ذات فولتية عالية بالدرجة الأولى، كما أنَّ سعره مقبولٌ قياساً بمصادر الطاقة الأخرى.
سياسات القادة
من جهة أخرى، قلل الخبير الاقتصادي مصطفى الإمارة من حدة التوقعات بركود في الاقتصاد العالمي، إذ قال في تصريحات له إنَّ: "النفط سيبقى متسيد الحاجة، وإنَّ التذبذب في أسعاره يتأثر بسياسات الدول الكبرى التي يستخدمها القادة في فرض الضغوطات على بعض الدول".
أما بخصوص السياسة النقديَّة، فذكر الإمارة أنَّ "التضخمات النقديَّة تعتمد على البورصات العالميَّة ومقدار بيع العملة، خصوصاً أنَّ الدولار أصبح سلعة تخضع للبيع والشراء، علاوة على أنَّ الأزمات السياسيَّة للدول لها تأثير سلبي في الاقتصاد العالمي، منها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بيد أنه يعتقد أنَّ تنفيذ هذا القرار سيتخذ بحكمة".
وفي ما يخص مستوى الإنتاج السلعي (الزراعي والصناعي) عالمياً، بين أنه مستمر بوتيرة جيدة ومتصاعدة، بعد أنْ زاد وعي العديد من الدول المعتمدة في إيراداتها على مصدر واحد، بضرورة التنويع في اقتصاداتها.
مستويات النمو
وتوقع صندوق النقد الدولي في أحدث تقاريره تراجع الاقتصادات المتقدمة عند مستويات نمو متوقعة تسجل ٣,٥ بالمئة متراجعة ٠,٢ بالمئة مقارنة بالعام الماضي ٢٠١٨، في حين توقع ارتفاع سعر برميل النفط الى ٦٨ دولاراً، اضافة الى ذلك من المتوقع أنْ يبلغ النمو في البلدان المصدرة للنفط ٢ بالمئة خلال العام الحالي ٢٠١٩ وهي أقل من نسبة النمو العالمي.