نزار عبد الستار
خرزة زجاجية زرقاء على شكل عين هي التميمة الأشهر في اسطنبول وتكاد تكون العلامة الأكثر تواجداً في الشغف السياحي بعد الجمال الطبيعي والمعمار الإسلامي الباقي من عهد سلاطين الدولة العثمانية.
العين الزرقاء تشكل هوساً مقدساً لدى الأتراك وهي تدخل في كل الطقوس الاجتماعية وترافق الإنسان منذ ولادته وحتى مماته وهذا التعلق حاله حال الكثير من العجائب التي تزخر بها البلاد له مجلدات من الاعتقادات والقصص ورغم أنه لا أحد يعرف على وجه الدقة المصدر الأول لهذه العين الزجاجية إلا أن الأتراك متفقون على أنها تطرد الحسد وتعمق الطاقة الإيجابية وتحصن الإنسان من القوى الشريرة.
يقال إن هذه العين كانت بقايا من وجه زجاجي صنعته فتاة على غرار وجهها وأهدته إلى حبيبها الجندي المشارك في حملة نهر بروت التي جرت سنة 1710 ضد الامبراطورية الروسية.
هذا الحبيب السعيد خاض العديد من المعارك وفي كل معركة كان جزء من الوجه الزجاجي الذي يحمله في جيبه ينكسر.
شعر الجندي بالخوف لأن الوجه الزجاجي الصغير أخذ يتضاءل ولم يبق منه سوى عين واحدة وبالفعل كان حدسه في محله إذ أصيب الجندي بجرح عميق جدا وسقط مغشيا عليه في أرض الأعداء.
جرى اعتبار الجندي مفقوداً وحين طال غيابه كثيرا عُدَّ من القتلى وتم إخبار حبيبته بالأمر إلا أنها رفضت تصديق بيان الجيش وبقيت مؤمنة أن حبيبها حي يرزق.
وبعدها بسبع سنوات تبين أن الجندي على قيد الحياة وجرى تسليمه إلى الجيش العثماني في صفقة لتبادل الأسرى.
عاد الحبيب المفقود إلى اسطنبول إلا أنه كان يعاني عوقاً جسدياً بالغاً أفقده النطق والبصر ووضع في مصح للعجزة لعدم الاستدلال على أسرته.
وحين وصل إلى الحبيبة أن جنوداً أسرى عادوا من الامبراطورية الروسية أخذت تبحث عنهم وتسأل عن جندي كان يحمل في جيبه وجهاً زجاجياً لامرأة.
فتشت لأشهر إلى أن نصحها ضابط أن تبحث عنه في مصح العجزة.
وبالفعل ذهبت إلى هناك وسألت عن حبيبها فأخبروها بوجود شخصين يحملان الاسم نفسه أحدهما توفي قبل أسبوع فقالت لهم إنه الآخر الحي.
منذ ذلك الوقت والعين الزرقاء هي تميمة اسطنبول وسحرها المتوارث.