طوبى للفقراء

آراء 2020/09/13
...

علي شايع
 
خبران موجعان طالعت محتواهما بأسى كبير، وخوف ينبأ عن خطر مبير، لبلاءين فاتكين وجدا طريقهما لبلدنا: الأول؛ يؤكد ما أعلنه خبراء في الأمم المتحدة من أن الفقر في العراق زادت نسبته 10 % منذ اجتياح وباء كورونا. والثاني؛ عن شاب من قضاء شط العرب بمحافظة البصرة، ظلم نفسه أكثر بقتلها اليوم، شكوى فقر وإملاق، وخشية ذلّ مضاعف للعوز والحاجة.
خبر الشاب المسكين من الميسور مطالعته في كلّ أرجاء الأرض، فهو نشر تدوينة تفصح عن بثه وشكواه عبر صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعي، لكن لم يسمع استغاثته أحد، ففارقَ، مأسوفٌ على صرخته؛ أدراج ملايين الأمنيات الموءودة، التي ستُسأل ذات عدلٍ؛ بأي ذنبٍ 
قُتلتْ.
إِن مَثَلَ هذا الشاب عند من يحكّم ضميره، كمثل رجل تونسي، كان يبيع الخضار، أحرق نفسه، لأن شرطية صادرت عربته وصفعته وسط السوق، وهي تصيح به (ارحل)، لتصبح تلك الكلمة كرؤية حل!، وشعاراً لما تلى الواقعة من ثورات عربية.
الشاب البصري البائس المُعْتَر لا نرتجي لثأره ثورة فوضى، لكن لتكن ثورة قوانين والتزامات حكومية، تكشف خرائط الحرمان في البلاد، وتخطط لإزالة الفقر عبر رواتب رعاية اجتماعية منصفة، لا يأتيها الباطل بفساده وتراثه، فها هي الشكوى تتعالى مجدّداً مع إعلان وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إيقاف رواتب آلاف المستفيدين من قانون الرعاية، مطالبين الحكومة بالتحقيق الجاد في قضيتهم، بدعوى الظلم والإجحاف و(خلط الأوراق) وعدم الإنصاف.
الفقر سمة هذا العصر وعاره بامتياز، فعدد الفقراء في العالم سيتجاوز 100 مليون إنسان. و»لو كان الفقر رجلاً لقتلته»، قالها إمام الفقراء وهو ليس بقاتل، مع هذا صرخ صرخته المدوية تلك، موضحاً جزيل إقدامه في دفع هذا البلاء. لأنه أدرك أن الفقر؛ الشكل الأقسى لعنف طغى فغطى فضائل الفقراء، وأربك أفعالهم، في وقت سَتَرَ المال عيوب الأغنياء 
ومجّدهم. 
فمن لنا بمثل صرخته من مقدام، يرفع كاهل الظلم والجور عن المعدمين، ومن لا يذكرهم الذاكرون، إلا وهم يغمضون العين في قليل المال قبل البذل.» طوبى للفقراء» كما نادى بها السيد المفدى عيسى بن 
مريم.