على الرغم من معاناة الشباب الدائمة لعدم وجود فرص عمل تعينهم، إلا أنَّ الأمر ازداد سوءاً بعد جائحة «كورونا»، إذ ارتفعت نسبة البطالة لتطول ذوي المهن الحرة من الكسبة والعمال، حتى باتوا يتسابقون للتسجيل على منحة الطوارئ للحكومة التي أقرتها لإعانتهم بعد توقف أعمالهم، الا أنها لا تسد رمقهم، فهي غير كافية لإعالة طفل على حد قول الغالبية منهم.
مشكلات العمال
يقول الاربعيني عمار قاسم عامل بناء: «الغالبية منا قررت عدم الذهاب الى العمل في الساحات المخصصة لانتظار أصحاب العقارات ممن هم بحاجة الى عمال بناء والمكوث في المنزل، ليس خشية عدوى فيروس كورونا، بل لعدم وجود فرصة عمل».
ويضيف: «إنَّ أصحاب العقارات أوقفوا مشاريعهم في البناء والترميم بشكل مؤقت على أمل انتهاء فيروس كورونا وعودة الحياة الى طبيعتها، ونحن الى ذلك الحين لا نعرف مصيرنا ومصائر أسرنا، ولكن على الرغم من كل ذلك ما زلت اذهب يوميا الى مكان العمل، لعل وعسى أنْ أحظى بفرصة عمل مناسبة».
من جانبه الثلاثيني سرمد حبيب صاحب محل لبيع الملابس النسائية يقول: «رغم حركة وتنقل المواطنين بشكل طبيعي في كل الشوارع والاسواق بعد رفع الحظر الجزئي والمحال مفتوحة خلال النهار، إلا أنَّ أعمالنا شبه متوقفة، فحركة البيع والشراء قليلة جدا، فالغالبية تعمل وفق مبدأ ادخار الأموال تحسباً للقادم، هذا واننا نعمل ضمن نظام المواسم، إذ تنتعش سوق الملابس في الاعياد والمناسبات ومطلع العام الدراسي».
ويستدرك: «توقف العمل هذا الامر ليس حالة استثنائية او فردية، بل يعاني منها جميع العاملين في القطاع الخاص والكسبة بسبب تفشي الفيروس والركود الاقتصادي الذي نعاني منه حتى قبل الفيروس».
أما الثلاثيني حسين رضا والذي يعمل حداداً فيقول: «قررت البقاء في المنزل لتلافي مصاريف النقل الى المحل، لعدم وجود فرصة عمل خلال هذه الاشهر، فتقريباً الجميع متخوف من صرف أمواله على أي مشروع عمل من جهة ومن العدوى بالفايروس من جهة أخرى».
دراسة
في دراسة تفصيلية اعدتها مؤخرا وزارة التخطيط والتعاون الانمائي بالتعاون مع البنك الدولي ومنظمة اليونسيف وفريق مبادرة (اوكسفورد) للفقر والتنمية البشرية ومستشار من صندوق الامم المتحدة للسكان، اعلنت ارتفاع نسبة الفقر في العراق الى 31.7 بالمئة مقارنة بما كانت عليه في العام 2018، اذ بلغت 20 بالمئة، وهذا يعني ان عدد الفقراء بموجب هذا الارتفاع، بلغ (11) مليونا و(400) الف فرد، بعد ان كان قبل الازمة نحو (10) ملايين فرد.
استثمار محلي
نائب رئيس لجنة العمل والشؤون الاجتماعية في مجلس النواب حسين عرب يقول: «إنَّ السوق عانت من كساد منذ مطلع العام الحالي، اضيف اليها الركود الاقتصادي منذ بدء جائحة «كورونا» في البلد، وهذا الامر ليس في العراق فحسب، وإنما في جميع دول العالم، التي اصيبت بهذا الفيروس، لذا فإنَّ على الحكومة تحريك السوق عن طريق جذب الاستثمار المحلي وتحريك الكتلة النقدية الموجودة داخل منازل العراقيين».
ويضيف عرب: «اننا طالما نبهنا وبحت اصواتنا واطلقنا تحذيرات من انهيار الاقتصاد المحلي إنْ لم نتخذ إجراءات صحيحة لانتشاله ورفده بكثير من الأمور، منها إقراض ذوي المهن الحرة بـ100 مليار دينار لإنعاش سوق العمل، و85 ملياراً أخرى من خلال المشاريع المتوسطة والصغيرة، فضلاً عن تفعيل النقد الالكتروني وتدوير النقد الداخلي ومساعدة التجار والقطاع الخاص على انتشال السوق من الركود والضياع، هذا مع تعزيز السوق بمنح عاجلة وسريعة يمكن ان تخدم القطاعين الصناعي والزراعي».
عرب يبين: «إننا بحاجة الى تحريك سوق الاستثمار المحلي كون المستثمر الاجنبي لا يستطع العمل في العراق في ظل الظروف الراهنة، في حين ان هذا الامر متاح للمستثمر المحلي، لذا يجب تحريك الاقتصاد المحلي وهو من يتمكن من جلب المستثمر الخارجي عن طريق علاقاته».
مهن حرة
رئيس الاتحاد العراقي لنقابات العمال عادل نعمة يوضح: أنَّ «أكثر من 60 بالمئة من ذوي مهن القطاع غير المنظم، فقدوا أعمالهم منذ بدء إعلان حظر التجوال بسبب تفشي جائحة «كورونا» وحتى الآن، وبذلك بدأت معاناتهم الحقيقية في توفير لقمة العيش وباقي المتطلبات المترتبة عليهم خلال هذه الاشهر».
ويتابع نعمة: «كان يفترض على الدولة أنْ تجد حلولاً لذوي الأعمال غير المنتظمة «عمال البناء، البسطات، بائعي المناديل، اصحاب محال الحلاقة ...الخ»، والذين عانوا منذ اعلان حظر التجوال وغلق محالهم بصورة قسرية، مشيراً الى أن الدولة وجدت حلولا لصرف منحة طوارئ لهم لمدة شهرين عن طريق التسجيل عبر الموقع الكتروني والتأكد من انهم ليسوا بموظفين، الا ان هذه المبالغ لا تسد رمقهم، هذا وانهم يشاهدون اطفالهم امامهم يتضورون
جوعا ما اضطر الغالبية منهم الى كسر حظر التجوال وافتتاح
محالهم للكسب منها رغم التحذيرات من خطر انتشار الفيروس».
ويستدرك نعمة: «إنَّ الاتحاد العراقي لنقابات العمال
بدوره اسهم بمساعدة هؤلاء عن طريق تقديم السلات الغذائية بجهود ذاتية ووفق المتاح لاعضاء الاتحاد، فضلاً عن التدخل بالتاثير في بعض المستأجرين من اصحاب العقارات بالتنازل عن الايجار الشهري اثناء مدة غلق المحل والكثير منهم استجابوا لتلك الدعوات».
وبشأن العمالة الخارجية يؤكد نعمة: أنَّ «هذا النوع من العمالة تسبب بحصول مشكلة كبيرة في العراق والكثير من العمال العراقيين فقدوا اعمالهم بسببها بعد دخول نحو 400 الف عامل بشكل غير شرعي وعدم خضوعهم للقانون العراقي، وبامكانهم الهرب في اي وقت يجدونه مناسبا، حتى لو احتفظ رب العمل بجوازاتهم فإنهم يستطيعون مراجعة سفاراتهم في بغداد واستخراج جواز سفر على النسخة المصورة الموجودة لديهم والرحيل الى اوروبا عن طريق كردستان مروراً بقبرص».
وأردف: «الاتحاد وجد حلا لهذا الموضوع بأن يتكفل رب العمل بهذا الموضوع بالتعاون مع السفارة ووزارة الداخلية، مؤكداً ان
هذه المشكلة كان بامكان الاتحاد حلها، الا أن الفوضى السياسية اربكت الكثير من الحسابات وبات العمل النقابي من دون فائدة، الا أن هنالك بعض النقابيين يدافعون عن وجودهم وبقائهم للدفاع عن
الحركة العمالية واستحصال حقوقها ومنع انتهاكها من قبل ارباب العمل».
رئيس الاتحاد العراقي لنقابات العمال يطالب: «بإصدار قانون التنظيم النقابي لعمال وموظفي العراق الموجود في اروقة مجلس النواب، لتوفير قاعدة صلبة من اجل العمل والدفاع عن حقوق العاملين، بعد ان فقد اكثر من 60 بالمئة منهم اعمالهم، خاصة في القطاع غير المنظم بسبب جائحة «كورونا»، إضافة الى توفير رواتب للارامل والمطلقات».
ويسترسل نعمة: «الاتحاد العراقي لنقابات العمال اقام الكثير من ورش العمل لتعليم المشاركين مهنا واكسابهم مهارات، كالحدادة والسباكة، وشمول النساء من شريحة الصم والبكم بورش لتعليم الحلاقة النسائيَّة».