ميادة سفر
برزت في أغلب المجتمعات صورة نمطيَّة تشير إلى ميل النساء للتسوق أكثر من الرجال، حتى وسمت بأنها ثقافة استهلاكية مفرطة حد التبذير، لكننا لو نظرنا إلى المسألة من جانب آخر غير ما اعتاد البعض رؤيته لوجدنا أنّ ثمة ظروفاً ومتطلباتٍ تحدو المرأة لتكون أكثر حاجة للتسوق.
إذا ما تجاوزنا الهوس بارتياد الأسواق، والحالة النفسيَّة التي تدعي بعضهن تحسنها عند قيامها بشراء أشياء جديدة «وهو أمر لا يخلو من الحقيقة» على اعتبار أنّ كل تجديد في الحياة سواء للمرأة أو للرجل يمنح شيئاً من السعادة ويقتل الروتين الذي يتسبب بكثير من
المشاكل.
ولو تركنا جانباً تلك التحليلات التي تحيل هوس «الشوبينغ» إلى العصور القديمة والأدوار التقليدية لكل منهما، حيث مهمة الرجل الصيد بأسرع وقت والعودة، بينما كانت المرأة تقوم بجني الثمار وبالتالي التأكد من جودة كل ثمرة لضمان حصولها على الأفضل، الأمر الذي يعذو إليه بعض الباحثين قضاء النساء وقتاً طويلاً وممتعاً في الأسواق.
لندع تلك التحليلات جانباً ونأخذ المسألة من زاوية مختلفة، إنّ اهتمام النساء بالتسوق يعودُ إلى متطلباتهن الكثيرة والتي تفوق متطلبات الرجل، سواء بالملابس أو المكياج أو الأولاد وحتى الأمور المتعلقة بالمنزل من أثاث وستائر وسواها.
فضلاً عن أنّ التنزيلات على الأسعار في المواسم تطال ملابس المرأة أكثر من الرجل، ولا يغيب عن الأذهان أيضاً المتطلبات المتعلقة بالعناية والكوزماتيك بما تحويه من مستحضرات للبشرة والشعر والجسم، كلها حاجيات شهرية مكثفة تحتاج إليها المرأة اليوم، وهي أمورٌ لا تنتقص من مكانتها وقيمتها بل إنها تظهرها بمظهر أكثر جمالاً وأناقة وبالتالي سينعكس هذا على حالتها النفسية والجسدية، ولا بدّ من لفت الانتباه إلى أنّ كثيراً من الرجال اليوم باتوا يهتمون بهذه التفاصيل ويولون عناية بها، ما يقطع الطريق أمام أولئك الذين سينبرون لتسليط ألسنتهم وانتقاد النساء اللواتي يهتممن بتلك الأمور، فالجمال والمظهر الأنيق بات أمراً ضرورياً في
حياتنا.
الشركات الصناعية في أغلب منتجاتها تستهدف النساء أكثر من الرجال، وحتى الطب في هذه الأيام ومع التطور العظيم الذي طرأ يولي اهتماماً كبيراً بالمرأة سواء في مستحضرات التجميل الطبية، أو مواد الحفاظ على شباب الوجه وإخفاء علامات التقدم في السن إلى عمليات التجميل المختلفة والتي غدت ضروريَّة للبعض ممن لديه تشوهات خلقيَّة أو نتيجة حوادث
معينة. فضلاً عن مشاعر الغيرة والحسد التي تعتري بعض الفتيات وتدفعهن لتقليد ومنافسة صديقات أو قريبات في متابعة الموضة والأزياء والاهتمام بالرشاقة، تلك الحالة نجدها لدى الشابات الصغيرات في السن أكثر من الأكبر سناً.
الملفت أنً الرجل لن تستهويه تلك العادة لدى المرأة ولو كان إنفاقها من أموالها الخاصة، ونراه من جهة أخرى ينتقد إهمال زوجته وبقاءها في ملابس البيت وشعرها غير مصفف، في ازدواجيَّة قاتلة تقف المرأة أمامها حائرة.