فرناندو دوارتي
ترجمة: ليندا أدور
مراقبة، تخطيط، وتفتيش مستمر عن كل ما يؤكد لتلك النساء شكوكهن، فإحداهن لم تنم طوال الليل وهي تقلب بهاتف زوجها، وأخرى دفعت مبلغا ضخما فقط لتعرف في ما كان لزوجها علاقة مع أخرى، وثالثة قد اخترع خيالها قصصا غير موجودة، فقط لأنها وجدت شعرة لمرأة على قميصه، فأين المنفذ من هذه الأفكار؟!
بعد العديد من المشاحنات، اتخذت مونيكا قرارها الحاسم، فمع تزايد انتشار وباء كورونا في بلادها، البرازيل، التي حلت ثانية بأكبر عدد من الوفيات بعد الولايات المتحدة الأميركية، كان زوجها، إدواردو يرفض، مرارا وتكرارا، ارتداء الكمامة، لذا قررت أن تغادر الشقة التي يسكنون بمدينة نيتيروي، ذات الـ 480 ألف نسمة والقريبة من ريو دي جانيرو، لتنتقل للعيش في منزل والديها بصحبة ابنها الذي يبلغ من العمر سبع سنوات.
فارق جنساني
تقول مونيكا: "أنا مريضة بالربو، ما يجعلني عرضة للأصابة بالفيروس، لكن زوجي يظن بأنني مصابة بجنون الارتياب"، مضيفة "كانت حجته أنه ليس بحاجة لارتداء الكمامة، لأنه لا يذهب لأماكن مغلقة إن خرج من المنزل، ولم يكن يدر بباله أنه يعرضنا أنا وابني الى الخطر".
علامة ضعف
كشفت قصة مونيكا وإدواردو عن انقسام بين الجنسين، لوحظ غالبا مع تفشي الجائحة، فقد وجدت الدراسات بأن الرجال أكثر ترددا من النساء في ما يتعلق بارتداء وسائل الوقاية الشخصية والكمامات، وهي النزعة ذاتها التي أبدوها خلال أوبئة سابقة. كل هذا، بالرغم من حقيقة أن الوباء أصاب الملايين من الأشخاص ومات بسببه أكثر من نصف مليون شخص بعموم أنحاء العالم، وحسب البيانات المتوفرة من الغالبية العظمى من الدول، تظهر ان نسب الوفيات بين الرجال أعلى وبشكل ملفت.
امر معيب
وقد تم تغيير النصائح العلمية في ما يخص ارتداء قناع الوجه لصالح ارتدائها بعد ظهور أدلة جديدة تثبت إمكانية انتقال فيروس كورونا عبر الهواء.
فإن كانت الكمامات يمكن أن تساعد في محاربة الفيروس، لِمَ يبدو الرجال أقل ميلا لأرتدائها؟ أحد أحدث التحليلات عن سلوكيات الذكور، التي أجريت من قبل فاليريو كابرارو، محاضر أقدم بعلم الاقتصاد بجامعة ميدلسكس، وهيلين بارسيلو، عالمة الرياضيات الكندية بمعهد البحوث الرياضية ببيركلي، وشمل 2500 شخص في الولايات المتحدة، وجدوا أن الرجال ليسوا أقل ميلا للبس الكمامات من النساء فحسب، بل انهم ينظرون لارتدائها على أنه "أمر معيب وغير جذاب وأنه وعلامة على الضعف"، يقول كابرارو موضحا "ان هذا الرأي بشكل خاص، كان في مجتمعات، حيث ارتداء الكمامة إلزاميا"، مشيرا الى أن "أحد أهم الأسباب لذلك هو اعتقادهم بأنهم أقل عرضة للأصابة بالفيروس مقارنة بالنساء، وهو أمر مثير للسخرية، اذ تشير الأحصاءات الرسمية الى أن الفيروس يصيب الرجال أكثر وبتأثير أكثر خطورة من النساء".
الحزب الجمهوري
وقد أظهرت دراسات أخرى الى أن الرجال، أقل التزاما بغسل أيديهم من النساء، وهو الأجراء الصحي الرئيس لمنع انتشار الوباء، اذ أظهر استطلاع أجري مؤخرا، أن 65 بالمئة من النساء مقابل 52 بالمئة من الرجال ذكروا بأنهم يغسلون أيديهم بانتظام، وفي الولايات المتحدة، فقد أثرت التجاذبات والانتماءات السياسية بشدة على سلوكيات بعض الرجال والنساء أثناء الجائحة، ووفقا لبعض الاستطلاعات، بدا مؤيدو الحزب الجمهوري الذي ينتمي اليه الرئيس دونالد ترامب، أقل ميلا من نظرائهم مؤيدي الحزب الديمقراطي لارتداء الكمامات.
وكشف استطلاع صدر أواخر حزيران الماضي عن مركز بيو للأبحاث، عن أن 76 بالمئة من الناخبين الديمقراطيين أعلنوا انهم يرتدون الكمامة، كل أو معظم الوقت في المتاجر أو أماكن العمل، مقابل 53 بالمئة من الجمهوريين. لكن، ضمن هذا السياق أيضا، كانت الجنسانية عاملا قويا عند تعلق الأمر بالسلوكيات، فقد أظهر استطلاع أجري في أيار الماضي، أن 68 بالمئة من النساء المؤيدات للحزب الجمهوري يرتدين الكمامة خارج المنزل، بينما ذكر 49 بالمئة من الرجال فقط أنهم يضعونها خارجا.
*موقع بي بي سي البريطاني