نزار عبد الستار
قطع تكيت السفر يعني تحديد الخط الزمني بين ارضين وعالمين. ان الفكرة العظيمة التي قامت عليها شركات السياحة في القرن التاسع عشر تتمثل بابتكار وسائل تعزز الرفاهية وتقوي الزهو الارستقراطي وتعطي امكانية تحقيق الاحلام، فكان التكيت واحدا من تلك الوسائل التي تهتم بالحالة النفسية وتدعم الاغراءات الكثيرة التي يقدمها السفر، وعلى هذا الاساس تم تحديد بروتوكولات تخدم تنامي السعادة وصولا الى الانفصال التام عن الواقع.
لقد مر التكيت بمراحل عدة من التفخيم وكانت شركات السفر ووسائل النقل توليه اهتماما بالغا ويعامل معاملة السوفينير فكان في البداية كبير الحجم ثم جرى تصغيره ليكون متوافقا مع جيوب( الجاكيت )الداخلية، وعمدت شركات السياحة الى التفنن بالخطوط والرسوم لتكون جاذبة للنظر. ومع تطور الطباعة، التي خلقت حافزا فنيا للمبدعين، جرت اضافة الكثير من الافكار الخلاقة الى التكيت ليتمكن حامله من الاحتفاظ به كذكرى.
لم يكن التكيت محض وثيقة مصدقة تدل على دفع الثمن فقد فكر الانكليز قبل غيرهم بجعل تكيت السفر بمثابة الورقة البنكنوتية التي يمكن استخدامها لتحصيل خدمات اخرى غير ركوب السفن والقطارات وهكذا صار بالامكان دفع مبالغ اخرى اضافية الى سعر تكيت السفر لنيل خدمات ميسرة في الاطعام او السكن الفندقي او في شراء حاجيات من متاجر بعينها كما ان شركات النقل اخذت تفكر في جعل التكيت وسيلة اعلان لها فعملت على صبغه بشتى الجماليات كي يطول الاحتفاظ به ويحقق لها الاشهار الواسع.
التكيت هو واحد من الاشياء التي تتقبل التغيير دائما ورغم انه الان بلا ذلك المجد العريض الذي بني في قرنين من الزمن الا انه احتفظ بمكانته النفسية عند المسافر. التكيت اليوم اقل هيبة من السابق حتى ان كان يمنح الخدمات في المطارات ويحقق الخصم على بعض السلع فهو اقل بهرجة مما كان عليه في القرن التاسع عشر الا انه القطعة التي تمنح الفرح وتدل على الانتقال من عالم إلى اخر ومن جو مشحون بالتوتر إلى مكان جديد يتميز بالاسترخاء والاستجمام.