الأرض والإنسان

علوم وتكنلوجيا 2020/09/16
...

نزار عبد الستار

كل ابداعات الانسان محددة ببيئته ومعظم قصص الانجازات في العلوم والعمارة والفنون جاءت لتخلق توافقاً بين الانسان والمكان الذي يعيش فيه كما ان فكرة الخلق نفسها ما كان لها ان تتسع بهذا الفهم الذي لدينا الآن لولا مجهودات الانسان في اكتشاف الطبيعة وترويضها كي تخدم وجوده على الأرض.
لقد بدأ الانسان حياته الأولى ضائعاً وتوجب عليه الانتظار حتى تنمو ملكاته العقلية ويقدر على استيعاب الغاز الخامات التي تحيط به. ان الجهد الذي بذله الانسان في التعرف الى الكوكب الفريد يعطينا اليقين بان الغاية من الوجود تنحصر قسراً في مجموعة الحلول التي توصل اليها الانسان عبر تعبه ونضاله من أجل الوصول الى معيشة أقل مشقة. 
لم يملك الانسان قبل التكنولوجيا اي وسيلة مثلى للحياة ولم يتمكن من تحقيق الرفاهية الجمعية وكانت الوسيلة الوحيدة للعيش براحة هي استعباد البشر واستعمال الشر والغاء الرحمة والشفقة والخير. هذه الحقيقة لم تكن بعيدة عن الفلاسفة والمشرعين الاوائل الذين خاضوا صراعا مريرا ضد الفوضى التي خلقها ضعف الانسان ازاء الطبيعة القاسية، وعملوا على تنظيم الحياة اليومية بما يحقق العدالة وينشر السلوك السوي، الا ان هذه الاهداف لم تكن في متناول اليد دائما لسرعة انهيار الامبراطوريات وكثرة الصراعات على الموارد.
لقد أتى العلم ليكون بديلاً عن القوة العضلية وكل وسائل الشر وكان عليه المرور بتحديات كثيرة قبل ان يترسخ ويعمل على تغيير أوجه الحياة وصولاً الى انسان متصالح مع محيطه، يؤمن بالسلام، ويحترم الآخر. 
ان أهم تحول في تاريخ البشرية هو التبادل السلمي للموارد الأولية وتيسير هذا الامر بالتجارة بكل انواعها. لقد بزغ عهد جديد على البشرية حين فهمت التبادل وطبقته كنهج سلمي وكان عليها قبل هذا أن تستقر كل أمة في مكانها وتنظر حولها وتفكر في الاستفادة من البيئة المحيطة وترتيب أمورها من اجل حياة أجمل.