عادل محسن.. وزحمة المَآتِم

ثقافة شعبية 2020/09/18
...

حمزة الحلفي
في 2018 خطف الموت من وسطنا الشعر الشعبي كبيرنا الشاعر عريان السيد خلف ليلحق به بعد ذلك الشاعر رياض الوادي والشاعر العماري فاضل غضبان وعند استهلال عام 2019 فقدنا الشاعر خضير هادي. 
وعند حلول الكارثة المشؤومة 2020 التي حصدت وهي في شهرها التاسع ابرز الاصوات الشعرية صباح الهلالي وجبار رشيد ونهاد طارق وسمران الكيصوم الجغيفي (شاعر نبطي من الانبار) ثم آخر القائمة حتى الآن الشاعر والصديق التاريخي عادل محسن ماعدا فجيعة وفاة الشاعر كاظم اسماعيل الكاطع ورحيم المالكي ومحمد الغريب وسعد محمد الحسن وغني محسن وعلي رسن في اعوام متعاقبة، قبل هذه التواريخ، فضلا عن الاعلامي الصديق الراحل عماد مكي الذي أخذ على عاتقه تقديم النخب الشعرية على أفضل ما يكون من الجمال.
ولي مع ابو نور عادل محسن- رحمه الله- حكاية البدايات في اواخر التسعينيات من القرن الماضي، كنت وقتها في بدايات كتابتي للشعر بشكل ذاتي وتنحصر قراءتي لبعض اصدقائي المقربين، الذي نصحني احدهم بالذهاب لجمعية الشعراء الشعبيين في الاعظمية.
وللحق كنت متخوفا من الذهاب لموقفي الحساس والمعارض من السلطة والخدمة العسكرية.
فتطوع احدهم وكان ضابط مخابرات وقال لي سوف اذهب معك وسترى الموقف  عاديا جداً.
وفعلاً تم الامر ومثل ما قال صديقي الجو كان شعرياً خالصاً واميناً ليس كما يشاع ان هذا المكان مرتبط بوزارة الداخلية ويتواجد فيه ضباط امن لرصد المناوئين للسلطة، حتى انني في يوم الخميس الثاني ذهبت بمفردي.
استمر ذهابي لمدة شهر كامل تعرفت تقريباً على اغلب الشعراء بوصفي متابعاً للأماسي وليس شاعراً، ولا اعرف من هو الذي استطيع أن أصل اليه معلومة كتابتي للشعر؟.
وتفاجأت في الخميس الرابع بتقدم شاب وسيم نحوي وكان صاحب ضحكة مشرقة زاهية قائلا لي:
- انت تكتب الشعر ،أليس كذلك؟
 فأجبته بتلعثم واضح: «يعني «
قال: «اذن حضر نفسك راح اگول اسمك وتصعد للمنصة».
كانت قاعة القراءة صغيرة تتسع لعدد لا بأس به من الحضور.. فتقدمت بخطى مرتبكة بعدما أن اعلن الشاعر عادل محسن اسمي حتى وصلت المنصة (بالف ياعلي) والوجوه تنظر الي بتفحص أدخلت الرهبة الى قلبي في الوهلة الاولى وساد الصمت في ارجاء القاعة، حتى يسمعوا ماذا في جعبة هذا الشاب القادم الينا.
لحظتها داهمني احساس التحدي أن استحوذ على اهتمام هذا الجمع الناقد وجمعت شتاتي بتماسك كبير.
وعند اول بداية الشطر الاول من القصيدة سمعت الاغلب يصيح (الله) وحفزني هذا لأكون اكثر ثقة بنفسي، حتى التصفيق ترادفه كلمة ( أعد) وعندما انهيت قصيدتي، استقبلني الجميع بتصفيق حار والأجمل ان عادل محسن تقدم نحوي بلهفة وفرح واخذني في الحضن وهو يقبلني ويردد (بيضت وجهي). رحمك الله صديقي.
يا من فتحت لي بوابة المواجهة مع المتلقي.