ما الذي ينقص انتفاضة تشرين؟

آراء 2020/09/26
...

 علي عبد الخالق 
 قريباً سيمر عام قبل ان يستفيق العراقيون على يوم وُضعت فيه هذه البلاد وسط صدر كل من خطى صوب ساحة التحرير، أدى لأكبر تغيير عرفناه خلال 30 عاماً، باستثناء لحظة 2003، حين فُرض أمر واقع وبالقوة عبر فاعل خارجي جاء، قاطعاً المحيط بربع مليون جندي.
لا يزال أمام الجيل الحالي فرصة انتزاع دفة القيادة شكلاً ومضموناً، شريطة الالتزام بالأساس الذي اندلع من أجله الغضب، لكن الكثير من التفاصيل تنقص المشهد وتعقده للحد الذي تجعل من الدعوة لفتح الساحات والانتقال لمرحلة جديدة من النضال، كفراً ونكوصاً. 
ما ميز الانتفاضة، الديناميكية المفتقدة في التنظيمات الشعبية التي تلت احتجاجات الكهرباء 2008، تظاهرات التأثر بالربيع العربي 2011، احتجاجات «طفي الكيزر» 2015، اضافة الى تبادل المسؤوليات أو انتزاع الدور على الأرض قبل ان يُمنح، كل ذاك رغم اعجازيته كان عملاً تلقائياً بدا وكأنه في قمة التنسيق، لكن ثمة من أشاع حرصا زائفا على «نقاء القضية»، انتشر حراس أبواب «أرث الانتفاضة»، وتم اغلاق النقاش الأوسع والأشمل على القيمة التي افردتها تشرين في ذكراها الأولى، الفرادة في كسر حواجز ونمطيات أسستها عملية سياسية بحاجة لاصلاح شامل. انغلاق وانسداد الأفق لم يمنع اي متسلق من الصعود باسم الانتفاضة، لكنه وضع عراقيل كثيرة أمام تجارب سياسية، كانت لتصبح أملاً لهذه البلاد في بعض عقول وقلوب الشباب الذين نزفوا وودعوا اصدقاء لفوا بالعلم العراقي ونشرت صورهم في الساحات وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.
ان «أهمية» الانتفاضة بابتعادها عن السياسة، وهم نابع من شعور مجموعات محددة بخطورة الخوض في ميدان جديد، عذر يداري الافتقار للتخطيط والتمسك بأوتاد المخيمات كحل وحيد، خطأ ستراتيجي بوجود أحزاب تحاول اكتساب أقنعة «مدنية» جديدة وسرقة خطاب تشرين وشعارات خطها الشباب على الأنفاق وفي المطعم التركي.
إنَّ دخول الانتهازية والطفيلية على الاحتجاج صورة معتادة في الاحداث الكبرى، ومعها يجب مراجعة التجربة وتقييمها، اذ إن مرور عام أكثر من كافٍ لتكريم الشهداء والبحث عن تحول في الشكل والتطبيق مع الإبقاء على المطالب التي لن يكون تحقيقها 
سهلاً.