الخال الابنودي

ثقافة شعبية 2020/09/27
...

حمزة الحلفي 
 
 
 
 
 
أول من أطلق كنية «الخال» على الشاعر الراحل عبد الرحمن الابنودي، هو الصحفي محمد توفيق، في معرض سيرته الادبية، التي كتبها، موردا في المقدمة: «هذا هو الخال كما عرفته.. مزيج بين الصراحة الشديدة والغموض الجميل.. بين غاية التعقيد وقمة 
البساطة».
وأنا هنا لست بصدد التعريف بالراحل الابنودي، فهو متداول في العراق، بقدر شهرته في بلده مصر، فضلا عن ان الزميلين اللذين يعملان معي في الملحق، كتبا كل صغيرة وكبيرة، تتعلق به.. من الولادة الى الوفاة، في عدد خاص كرس بمناسبة رحيله.
«شاعر الغلابة» لقب ثانٍ أطلقه عليه الشعب المصري، تأكيدا لهمه الشعري، الذي ارتبط بالفئة المعدومة.. الكادحة من عمال وفلاحين.. أي «غلابة» باللهجة 
المصرية.
يأخذنا الحديث هنا، الى ان احد الصحفيين وهو يجالسه، لاحظ ان شفتيه لا تفارقان السيجارة؛ فبادره: «انت بتدخن كتير ودا مش كويس على صحتك» فأجابه على 
الفور:
«حاجتين مش اقدر استغنا عنهم .. السجارة اللي بتضر صحتي والكلام الصعيدي اللي بيعدل 
صحتي».
وفعلا.. لا اتذكر مرة شاهدت مقابلة معه، الا ويتكلم باللهجة الصعيدية، مبررا: «هذه اللغة تعطيني مجالا واسعا من الحرية؛ فالكلام دا احطم به اسوار الخوف من قول الحقيقة، حتى عندما اعشق، بعفة الصعيدي واخلاقه، اضف الى ذلك لم احلم مرة في حياتي الا بالصعيدي، ولو في باريس».
اما ما حدث لي مع الخال منتصف التسعينيات، وصل الى سمعي بعض من مقاطع شعرية في ديوانه «عمليات» فصرت ابحث عنه في شارع «المتنبي» ولم اعثر على مبتغاي، الى ان سألت صاحب مكتبة عنه؛ فنظر الى قوائم الممنوعات؛ وتغيرت ملامحه قائلا: «روح استر على روحك» ولم افهم ما قصد إلا بعد حين.
وبشأن ما يرتبط بالعراق من شعره، عرى الأبنودي مواقف الدول العربية وتكالبها المخزي على هذه البقعة المقدسة، بقصيدة طويلة، جاء في بعض
منها:
 
«بغداد يا ام التاريخ والحكمة والاشعار
بغداد يا ام القصور والنخل والانهار
ما عادش الا الصمود الليل في آخر النهار
دافعي بشرف واتركي للأمة طعم العار»
مضيفا:
 
«يا دي العراق العريق صح العرب من النوم
يا طاعـم المحرومـين إزي تبات 
محروم».