الطاقة النظيفة.. تهدد الكهرباء والتلوث

ريبورتاج 2020/09/28
...

  فجر محمد
 
لمعانها يكاد يخطف الأبصار، والاشعة المنطلقة منها تلفت الانظار، هي الواح شمسية تعد جزءا من الطاقة النظيفة التي أخذت بالانتشار، واصبحت بديلا ناجحا عن توليد الطاقة الكهربائية التي باتت شبه معدومة.
رطوبة تخنق الجو، ودرجات حرارة عالية، يرافقهما انقطاع مستمر في التيار الكهربائي، وتكاليف باهظة ناجمة عن الاشتراك الشهري بالمولدات الاهلية، كلها عوامل دفعت الموظف احمد حامد الى ايجاد بدائل اكثر فائدة وديمومة بتوليد الطاقة الكهربائية، وبعد دراسة مستفيضة للألواح الشمسية وطرق استخدامها، قام بتنصيب منظومة من تلك الالواح فوق سطح منزله، وربطها بمجموعة من الكابلات، وصولا الى البطاريات الخاصة بالتوليد والتخزين، وبينما هو يعيد تنظيم المنظومة ويتابع العمل يقول: "لم يعد مصطلح الطاقة النظيفة يثير الاستغراب والحيرة، فهو لا يقتصر على دولة معينة في العالم، بل أخذ يمد بساطه في مناطق مختلفة، وخصوصا الدول التي تعاني من ازمة في توليد الكهرباء، ففي العراق على سبيل المثال، ما زالت مشكلة انقطاع الكهرباء مع ساعات التجهيز القليلة هي الشغل الشاغل للمواطن".
ويبين حامد أنَّ ساعات النهار الطويلة التي تشرق فيها الشمس من الممكن الاستفادة منها في تحويلها من طاقة حرارية تخزن في بطاريات تلك الالواح الى كهرباء، تشغل اجهزة وادوات منزلية لمدة زمنية تختلف من بطارية الى اخرى، وحسب حجم اللوح الشمسي المستخدم. 
 
مجتمع متطور
اشارت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، الى أنَّ اتخاذ قرار التقليل من استخدام الكهرباء والمولدات الكبيرة، والاستعاضة عنها بالألواح الشمسية والرياح، فضلا عن المياه، اصبح خيارا مستداما واسع الاستخدام، وبالفعل بدأ الكثير من افراد المجتمعات المتطورة والنامية بادخالها في منازلهم واماكن عملهم.
 
قروض ميسرة
انشأت وزارة الكهرباء قسم الطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة عام 2016، لغرض تشجيع الطاقة المستدامة، وتسليط الضوء عليها، ورفع نسب المشاركة بها بأقل كلفة ممكنة وبأفضل المواصفات، فضلا عن تطوير السياسات والتشريعات والبرامج المناسبة طبقا للموارد الطبيعية المتاحة، بهدف تحسين الاثر البيئي السيئ الذي حصل جرّاء الافراط في استخدام الوقود الاحفوري.
 ووفقا للموقع الرسمي الالكتروني للوزارة فإنَّ هناك تشجيعا للمواطنين على شراء الالواح الشمسية، كما تضع الكهرباء في الوقت الحاضر في جدول اعمالها آليات لمناقشة اطلاق قروض ميسرة للمواطنين للحصول عليها.
كما بينت الوزارة ان هناك سعيا لنقل وتوطين الطاقة المتجددة، لتوليد الطاقة الحرارية والكهربائية بشكل يلائم الاجواء العراقية، فضلا عن دعم وتنظيم الاستثمار الخاص ورفع كفاءة الطاقة في القطاعين الانتاجي والتوزيعي.
 
معاناة
لم تأت فكرة استخدام الطاقة النظيفة في توليد الكهرباء بمحض الصدفة، بل بعد معاناة مع نظيرتها الكهربائية التي ابتدأت منذ عام 2003 ومازالت حتى الآن مستمرة، يقول احمد صاحب تجربة الالواح الشمسية: "إنَّ هذه الالواح تعمل على توليد ما يقارب 4 امبيرات او بالأصح 4 كيلو واط، وهذه السعة قادرة على تشغيل ثلاجة وبعض الادوات الكهربائية الاخرى، وتمتاز بخلوها من الملوثات الناجمة عن استهلاك الطاقة الكهربائيَّة".
 
اختيار صحيح
كثر استخدام الالواح الشمسية عوضا عن الرياح في الآونة الاخيرة، لأنَّ العراق من البلدان القليلة الرياح، ولكن تلك الالواح تحتاج الى الادامة والمتابعة.
يلفت المواطن سمير كامل الى أنَّ "الطاقة النظيفة كانت البديل الانجح والافضل عوضا عن الكهربائية الوطنية التي تعد غائبة معظم اوقات الصيف، ما جعلت المولدات الاهلية هي سيدة الموقف، اذ أنهكت المواطن بالاشتراكات الشهرية التي تخلو من التسعيرة الرسمية وتتبع أمزجة أصحاب تلك المولدات".
لافتا الى أنه "في الوقت الحاضر اصبح الحصول على الواح شمسية مناسبة امرا سهلا، حيث توفرها مكاتب وشركات من مناشئ رصينة، وبطارياتها طويلة الامد قد تصل الى عامين اذا ما تم استهلاكها بشكل صحيح".
 
وعود
لا تعد الطاقة النظيفة واستخدامها بشكل واسع ترفا او تماشيا مع التطور والتكنولوجيا، بل اصبحت ضرورة ملحة، هذا ما بينه الخبير بالشؤون البيئية احمد صالح وتابع قائلاً: "عانت الكرة الارضية في السنوات الماضية من التلوث التراكمي الذي تولد مع انبثاق الثورة الصناعية، حيث انتشرت المصانع والمعامل بشكل كبير، وانبعثت منها الابخرة والغازات المضرة بالصحة، لذلك لجأت الدول المتطورة والناشطون البيئيون الى ايجاد طرق متعددة لتقليل هذا التلوث".
ويشير الخبير الى أنَّ "استغلال الرياح والطاقة الشمسية والمياه، جاء نتيجة دراسات طويلة ورصينة لإحلال الطاقة المستدامة محل الكهرباء، التي تتسبب بتلوث الجو بنسب عالية، نتيجة عمليات الاحتراق وغيرها من آليات التوليد، ومن المتوقع أن يكون للطاقة المستدامة مستقبلٌ واعد".
 
بديل اقتصادي
تعدُّ الالواح الشمسية في الوقت الحاضر مكلفة اذ يصل سعر اللوح الى 250 دولاراً، فضلاً عن البطاريات التي تصل كلفتها الى 4000 دولار، ولكن احمد حامد بين ان تلك الكلفة اذا ما تم حسابها بالمقارنة مع الاعتماد على المولدات الاهلية سيلاحظ انها بديل اقتصادي بمرور الزمن. كما يتفق معه بالرأي الخبير بالشؤون البيئية احمد صالح الذي بدوره ايضا يستهلك الطاقة النظيفة ويضع الالواح الشمسية على سطح منزله، ويوضح ان هذه المنظومة قد وفرت الكثير عليه وعلى زملائه المستخدمين من الاموال التي كانت تصرف في الاشتراك الشهري بخطوط المولدات الاهلية.
 
المشروع الشمسي
إنَّ استخدام الطاقة المستدامة وبالتحديد الشمسية هو تحد كبير، لانها ليست متداولة وتحتاج الى المعرفة والخبرة، هذا ما وضحته المهندسة جيهان عامر وتابعت قائلة: "إنَّ هذا المشروع الشمسي لن يتم بسهولة، بل يحتاج الى الصبر والتأني، ولكن ثماره ستجنى لاحقا بعد أن يتعوّدَ الفرد على استهلاكه ويلاحظ نظافة بيئته بالمقارنة مع الطاقة التي تسبب التلوث وتؤثر في صحة الفرد والمجتمع".
 
المياه الجوفيَّة
إنَّ استخدام الالواح الشمسية في توليد الكهرباء لا يقتصر فقط في المنازل، بل ايضا دخل في المزارع والحقول، حيث استخدمت الالواح الشمسية بتشغيل مضخات ومرشات المياه، التي تعمل على تيار مستمر وليس متناوبا، يتحدث عن هذه التجربة احمد حامد قائلا: "إنَّ استخدام الالواح في مرشات المياه لا يحتاج الى بطاريات وانما يعمل بشكل مباشر، وهناك من استغلها في تشغيل المضخات التي تستخدم لساعات طويلة في المناطق التي لا يتجاوز ارتفاعها عن 100 متر لاستخراج المياه الجوفية، وهي تجربة ناجحة واستخدمت في بعض آبار العراق". 
 
تشجيع
الكثير من الحكومات في دول العالم والشرق الاوسط تحديدا، بدأت بدعم الطاقة النظيفة، وتشجيع الافراد على استهلاكها، ولكن الخبير احمد صالح يرى أن استهلاك الطاقة المستدامة يحتاج الى الدعم الحكومي، وتخفيض الاسعار لمن يرغب بشراء الالواح الشمسية، فضلا عن ضرورة انبثاق حملات إعلاميَّة ساندة لهذا الموضوع، يكون هدفها تشجيع استخدام تلك الألواح.