في زنزانة الحجر

اسرة ومجتمع 2020/09/28
...

سرور العلي 
 
يراودني القلق والكثير من الأسئلة عند تصفحي لمنصات التواصل الاجتماعي يوميا، وأنا أشاهد حالات العنف الأسري، التي ازدادت خاصة أن العالم يمر بجائحة "كورونا"، التي قوضت كل مفاصل الحياة، وهناك من يرفض تشريع قانون العنف الأسري مختلقا الحجج والأعذار الواهية، لكي يبقى يمارس عمله الوحشي دون رادع، وأسهم الحجر المنزلي في ظهور كثير من ضحايا العنف وذئاب كانت مختبئة، فبعد أنْ كان الزوج مشغولا بالتزاماته وكثرة أعماله، وجد نفسه بسبب الفيروس يقضي جل وقته مع زوجته وأطفاله المشاكسين، ما سبب له فجوة بينه وبينهم وكأنه يتعرف اليهم لأول مرة، وبات مزاجه سيئا، فلجأ للعنف في التخفيف عما يشعر به وما يصادفه في يومياته المشحونة حسب احساسه بذلك.
 وتشكل ظاهرة العنف الأسري خطرا جسيما على حياة المجتمع وتنتج عنه أضرار نفسية ومادية ومعنوية، ويلعب الشخص الممارس للعنف دورا بارزا في سلب حرية الآخرين وإلحاق الأذى بهم وفرض عليهم قرارات صارمة، وللعادات والتقاليد التي يرثها الأبناء من آبائهم وأجدادهم دورها في تولد الدوافع العدوانية، فالبعض يعتقد أن تعنيفه لزوجته يرفع من مقدار رجولته، ويسبب الضغط النفسي والاقتصادي تدهور الوضع لديه ما يصب غضبه على من حوله، ويصاحبه أحيانا إدمان على الكحول وأمراض عقلية ونفسية، وكلما ازدادت ثقافة الشخص ووعيه تقل لديه تلك الدوافع المدمرة، وفي ظل مجتمع عشائري كالعراق، كيف للمرأة أن تطالب بالحماية؟ وتنخفض معدلات الإبلاغ عن حوادث العنف لحساسية الأمر. 
ويعتقد العالم فرويد أن العنف ناتج عن عدم قدرة الأنا على الموازنة بين النزعات الفطرية التي تثير الغضب والتدمير، فتطغى نوازعه العدوانية.
 من المهم جدا للحد من تلك الظاهرة التي بدأت بالتفشي بشكل مخيف استخدام طرق وقائية تبين خطر العنف الأسري، والتعريف بقوانين حماية الأسرة، ونشر برامج ومبادرات التوعية، وتطوير مؤسسات حماية الأسر، وإعطاء دورات لمعرفة دلائل العنف للسيطرة عليها باكراً.