أوليفر هولمز
ترجمة: خالد قاسم
كشف تطبيع العلاقات بين اسرائيل وبعض دول الخليج العربية تصدعات في علاقة فلسطين مع الحكومات العربية، وأثار تساؤلات عن امكانية استمرار اعتمادها على تلك الدول لتأييد القضية الفلسطينية.
حاولت اسرائيل لسنوات اقامة علاقات مع العالم العربي، وركزت على دول الخليج الغنية، اذ يوجد بينهم عدو مشترك؛ هو ايران، ورغبة شديدة بالحصول على الأمن السيبراني وأجهزة التجسس.
أتت تلك الجهود أكلها عندما وقعت كل من مملكة البحرين والامارات العربية المتحدة اتفاقيات مع اسرائيل خلال احتفال بالبيت الأبيض لانشاء علاقة دبلوماسية واقتصادية مفتوحة. لا يمكن اعتبار هذا الاتفاق معاهدة سلام، لأن الدول الثلاث لم تكن بحالة حرب مطلقا، كما إن التبادل في مختلف الجوانب بينها واطئ المستوى منذ فترة طويلة، غير إن العلاقات المعلنة حطمت العزلة الواسعة النطاق لاسرائيل اقليميا، وهي سياسة قديمة رأتها القيادة الفلسطينية وسيلة تأثير حيوية في صراعها لكسب الاستقلال.
وتعليقا على هذا الاتفاق، يقول السياسي الفلسطيني البارز صائب عريقات: “نشعر بالخيانة حتما، وهذه الاتفاقيات تمثل تشجيعا هائلا للحكومة الاسرائيلية لكي تستمر باحتلالها.”
جدير بالذكر أن مبادرة السلام العربية التي قدمتها قمة بيروت العربية عام 2002 تضمنت عودة العلاقات “الطبيعية” مع اسرائيل في حالة واحدة؛ هي انشاء دولة فلسطينية وانهاء الاحتلال، لكن تلك السياسة تم تقويضها، بحسب تعبير السفير الفلسطيني في بريطانيا؛ حسام زملط، إذ نشر مقالا في صحيفة هاريتز اليسارية الاسرائيلية، أوضح خلاله: “يعتقد البعض ان الطرق القديمة قد فشلت وان الوقت قد حان لمحاولة شيء ما جديد، لكن من المنطقي القول ان اسرائيل لن تنهي الاحتلال بدافع عطفها القلبي، اذ كانت لديها فرص كثيرة ولم تقم بذلك”.
خيبة فلسطينيَّة
من جهته، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن دولا عربية أخرى ستعلن قريبا نيتها توقيع اتفاقيات مماثلة، ما يظهر تحولا أكثر ثباتا، ولم يتفاجأ الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة بهذه الاتفاقيات، إلا إنهم شعروا بألمها. وقالت إحدى المواطنات الفلسطينيات أنها تفهم رغبة دول الخليج ببناء جبهة ضد ايران وإرضاء دونالد ترامب الذي يضم جمهوره الأميركي قاعدة من المسيحيين المؤيدين بقوة لاسرائيل، الّا أنها تشعر بخيبة أمل، لأن الامارات والبحرين ذكرتا أن الاتفاق سيساعد الفلسطينيين، في إشارة منها إلى أن هذا التصريح لا يمت للواقع بصلة.
ومن جهة اخرى، يحذر مسؤولون فلسطينيون من أن الضغط الاقليمي صار أكثر خطورة مما كان عليه قبل سنوات، ويقولون أن تهديدات بالعزلة الاقليمية ساعدت على ثني اسرائيل عن المضي قدما بخططها المعلنة لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة منذ صيف العام 1967.
لقد تضمن اتفاق اسرائيل مع الامارات “تعليق” قراراتها بضم أراضي الضفة الى حدودها بشكل مؤقت، لكن النقاد يقولون أن تلك الفقرة أضيفت من باب تقديم المجاملة الكلامية فحسب للقضية الفلسطينية، وفي الوقت نفسه يرى سياسيون اسرائيليون أن خطة ضم اراضي الضفة لا تزال تمثل أولوية لسياسة حكومتهم.
من جانبهم، يشعر حلفاء القيادة الفلسطينية بالقلق أيضا، فالأردن ترى أن لا مبالاة الدول العربية أمر مثير للجدل، وتعتقد عمّان أن نتائج سياسة اسرائيل بضمّ الضفة الغربية لحدودها، ستكون مدمرة للمنطقة. أما الرئيس التركي رجب طيب اردوغان فقد انتقل الى ما يراه فراغا أخلاقيا بسبب تلك الخطوة من قبل بعض دول الخليج العربي، واتهمها بأنها خانت القضية الفلسطينية، وقال إن مواقف تلك الدول تمثل خيانة للقدس، ولشعوب دولهم وللانسانية ايضا.
صحيفة الغارديان البريطانية