صيد

ثقافة 2020/10/03
...

لانا عبد الستار
 
عثرت صدفة على جل من اللافندر والنعناع البري والالوفيرا واكليل الجبل. أتمنى أنْ يساعدني الليلة. تحت تأثير الانتهيستامين أمس لم تكن واعياً لي فقد أنفقت ليلتي وأنا أحاول أنْ أعرف سبب ذلك التحسس الغريب. لم أترك شيئاً إلا فعلته. غيرت غطاء الوسادة. بدلت وجه اللحاف بعد أنْ اتهمت الوبر. تخليت عن بيجامتي الحريرية ذات البروتيل والشورت وارتديت أخرى قطنية عجائزية بكم طويل بعد أنْ أخذت شاور بماء دافئ وصابون الكامومايل.
كل الوسائل فشلت. وأنت تشخر بجانبي.. وليس لي قلب أنْ أوقظك. أعرف أنَّ يومك البارحة كان متعباً جداً.. أعشق موسيقى شخيرك الهادئ. هل معقول أنَّ السبب هو البعوض اللعين؟ مستحيييل.. وماذا تفعل الأقراص الطاردة للحشرات؟ هل هي أزهار الزيتون؟ هو موسمها هذه الأيام.. بحثت في كل أسباب الارتيكاريا وأنت تأكل مع الملائكة رز بالحليب مكتفاً ذراعيك وساقك اليمنى ملتفة على اليسرى وعلى فمك ابتسامة الرضيع الذي انتهى تواً من رضعة مشبعة ونام.
هل هو السمك؟ أنت لا تأكل السمك وتخشى من الحسك.. جاملتني ليلة أمس وأكلت قليلاً وأنا قضيت على السمكة الدينيس المشوية.. كانت لذيذة للغاية مع السلطة بالطحينية والخبز المحمص.. هل غافلني الدينيس وأثار كل هذا التحسس؟
لا تقل إنَّ السبب هي الشوكولاتة البلجيكية التي جلبتها لي أمي من بروكسل. أنا أتناول منها كل صباح مع القهوة منذ أسبوع. شككت بكوكيز الباونتي الذي تناولته ظهراً مع عصير الفراولة.. كان يبدو بريئاً وأرستقراطياً للغاية ولا يمكن أنْ يفعل شيئاً شنيعاً كهذا.
مع أذان الفجر استطعت أنْ أغفو قليلاً بعد أنْ شربت مغلي اليانسون المحلى بالعسل وهدأت.. ليس من عادتك أنْ تبقى نائماً وأنا أعمل كركباتي في المطبخ ليلاً. لكن كنت منهكاً فوق العادة. عندي أملٌ كبيرٌ في توليفة اللافندر واكليل الجبل والالوفيرا بأنْ ترأف بحالتي الليلة.
وأنا أفتح السيارة حاملة الجل المنقذ لي كانت ميس حرب تغني دزني واعرف مرامي.. قل لي.. كيف لمغنية من بني معروف مؤمنة بكتاب الحكمة من السويداء أنْ تغني تراثاً عراقياً في دار أوبرا دمشق بمصاحبة اوركسترا سيد درويش؟
هل يمكن لغير الفن أنْ يجمع دجلة وبردى والنيل؟
السائق الذي خلفي أزعجني بزامور طويل وذراعه تلوح لي بعصبية من النافذة  بعد أنْ ارتعش الضوء الأخضر وأنا أسرح بفكرة كيف لي أنْ أمنع البعوض الليلة أنْ يصيدني صيد الحمام.