حكاياتنا وبعد..

الصفحة الاخيرة 2020/10/12
...

علي السعد
حياتنا مليئة بالحكايات، والاحداث، بعضها بسيطة واخرى تبدو صعبة ومعقدة، لكن اقرب الحكايات لنا هي من تجعلنا نحزن، أو نفرح كثيراً. 
ومابين الامرين تبدو تلك الحكايات مكررة وعادية وبعيدة عن التذكّر، لكن هناك من يحاول ان يجعل الحكايات في حياته مثيرة وكأنها تشبه الليالي الالف في موروثنا الشعبي، حيث تتضخم احداثها، وتمتد الى تفاصيل حقيقية أو مخادعة، حدّ أنها تتطلب وجود راوٍ لها، يقترب من شخصية  
شهرزاد..
تعدد الحكايات وتنوعها ليس بعيدا عن الواقع، ولا عن يوميات الحياة العامة، فهي تضمّ أحداثاً عن الحب والكره، أو عن الحياة والموت، أو عن الخوف والبطولة، أو عن السفر والمكوث، لكن اخطر ما في هذه الحكايات هو الكذب، والغلو، واحيانا تمرير شفرات لها وقعٌ مؤذ على الناس، إذ يعمد بعضُ من يحكي الى الترويج لحكايات مشوهة أو ومضللة، ولها أهداف ونوايا، يرويها البعض في المجالس والمحافل العامة، وثمة بعضٌ آخر يعمد الى كتابتها، والى لترويج لها وكأنها نصوص أدبية، أو نظيرة لحكايات الف ليلة 
وليلة.
موضوع الحكي في ذاكرتنا، وفي عاداتنا موضوع خطير، لأننا  شعوب تحكي عن كلِّ شيء، وكثيرا ما تتحوّل الحكايات الى قضايا لها علاقة بالشأن العام السياسي والاجتماعي والثقافي، وهذا ما يجعل الحديث عن خطورة الحكي من الأمور التي تحتاج الى مراجعة، على مستوى تعميم "ادبية الحكي" أو على مستوى فحص هذا الحكي في مرجعياته، وفي شعبويته، وحتى في هويته، لا سيما الحكي الذي له تأثير في اجتماعنا الثقافي، وفي ضرورة أن يكون فعل الحكي غير ضار، وبعيداً عن اثارة النعرات والخلافات، لا سيما في الجانب الذي يتعلّق بشعبوية الحكي، وبالقصص المتخيّلة التي يستعملها البعض لتزوير جوانب مهمة من 
التاريخ.
حاجتنا للحكي ستظل قائمة، لأنها جزء من نظام التواصل والتفاعل، ولأنها وسيلة من وسائل اشاعة الخبر والمعلومة، لكن هذه الحاجة ستكون ضارة لو استعملت بشكلٍ مقصود، وبنوايا يختلط فيها الكذب والغلو والتضليل، والتي للأسف استخدمها كثيرون من على منابر متعددة اعلامية وثقافية واجتماعية، اسهمت في تعطيل ما هو جمالي في الحكايات، مقابل إبراز ما هو خلافي 
فيها بعيدا عن اية مراجعة انسانية وثقافية ومعرفية 
واخلاقية..