أين تقف إيران في الانتخابات الأميركية ؟

الرياضة 2020/10/13
...

محمد صالح صدقيان 
 
لا يختلف احد على اهمية نتائج الانتخابات الاميركية على مختلف دول المجتمع الدولي لكنها ربما تكتسب اهمية مضاعفة للدول التي تعاني من عقوبات فرضتها ادارة الرئيس ترامب مثل ايران وفنزويلا وروسيا والصين ؛ اضافة الى منظمات دولية كمنظمة الصحة العالمية الذي هدد الرئيس ترامب بالخروج منها ؛ ومنظمة التجارة العالمية التي انهى مهمتها بعد ان اعلن انتهاء مرحلة العولمة ؛ وحلف الناتو الذي لم يخف امتعاضه من آلية سيره وتمويله ؛ ناهيك عن خروجه من اتفاقيات مهمة للمجتمع الدولي مثل اتفاقية المناخ ؛ والانكفاء الاميركي الى الداخل وما تبعه بالسماح لقوى محلية بالتمدد لملء « مناطق الفراغ » كالنموذج الاسرائيلي . 
ما يهم المنطقة ؛ فان ادارة الرئيس دونالد ترامب ماضية قدما في محاصرة ايران وفرض المزيد من العقوبات التي تتماشى مع سياسة « العقوبات القصوى » التي يتحدث عنها اركان الادارة ؛ في الوقت الذي يرى فيه الايرانيون « ارهاب دولة » يمارس لاركاع ايران ليس للجلوس على طاولة مفاوضات من اجل التوصل الى اتفاق جديد يكون بديلا عن « الاتفاق النووي » الذي اعتبره الرئيس ترامب « اتفاقا سيئا » ؛ وانما من اجل تأمين المصالح الاسرائيلية وفي مقدمتها « الامن الاسرائيلي » من دون الاخذ بنظر الاعتبار الامن الاقليمي الذي يهّم جميع دول المنطقة . 
الايرانيون يقولون ليس مهما لهم من الذي يفوز في المعركة الانتخابية . المرشح الجهموري دونالد ترامب ؛ ام المرشح الديمقراطي جو بايدن . لكن فوز بايدن بالتاكيد سيجعلهم يتنفسون الصعداء على خلفية رغبته في العودة للاتفاق النووي اذا ما فاز في السباق الانتخابي الرئاسي  ؛ والدخول مع ايران في مفاوضات لانهاء المشكلات العالقة بين البلدين استمرارا للجهود الذي بذلها الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما بعد ان توصل للاتفاق النووي ؛ وهذا يعني انهاء « العقوبات الاحادية » التي فرضتها ادارة الرئيس ترامب على ايران . وهذا المسار هو مسار مريح للحكومة الايرانية التي مازالت تراهن على « الاتفاق النووي » باعتباره اتفاقا دوليا استند على قاعدة رابح – رابح من اجل اعطاء المنطقة والعالم المزيد من فرص الامن والاستقرار .
اما اذا فاز الرئيس ترامب في الانتخابات فانه سيضع الملف الايراني في مسار جديد ليس بالضرورة اسوأ من مرحلة ما قبل الانتخابات . لان فوز الرئيس ترامب سيحمل معه استحقاقات داخلية ودولية متعددة وبذلك فانه سيكون اكثر تحمسا للجلوس مع ايران من اجل حل المشكلات للتفرغ لمشكلات مستعصية اكثر اهمية للولايات المتحدة كالمشكلات الاقتصادية والصحية والامنية ؛ لا سيما انه يتوعد الصين بوعود اقلها المواجهة العسكرية ؛ وهذا الامر يتطلب منه التفرغ للتنين الصيني ؛ لانه يعرف انه ليس « لعب عيال » كما ان ابقاء المشكلة الايرانية على حالها لايؤمن له التفكير المريح بشأن الصين خصوصا ان الايرانيين يسعون للتوقيع على برنامج العمل الاقتصادي المشترك مع الصين والذي يبلغ مداه 25 عاما ؛ اذ قام وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف بزيارة الصين يوم السبت الفائت من اجل تقديم مسودة البرنامج الذي صادقت عليه الحكومة الايرانية للمسؤولين الصينيين والبحث معهم عن آلية لتنفيذه  . توقيت زيارة ظريف الى بكين قبل ثلاثة اسابيع من الانتخابات الاميركية يكتسب اهمية خاصة . ظريف يعّد من الشخصيات المتمرسة في تحليل الواقع الاميركي ربما اكثر من غيره وبذلك هو يعرف متى يلعب بالاوراق التي يمتلكها . هو قال ان بلاده لاتريد التدخل في الانتخابات الاميركية لكنه يلعب باوتارها بشكل غير مباشر وهي رسالة واضحة الى من يهمهم الامر في الداخل الاميركي . الرسالة قالت ان البرنامج المشترك مع الصين مداه 25 عاما بقيمة 400 مليار دولار وهو يشمل جميع المجالات بما في ذلك الاقتصادية والتقنية . الاميركيون يدركون جيدا اهمية هذه الرسالة ولذلك استبقوا الزيارة بحظر جديد على 18 بنكا ايرانيا .
يبدو لي ان الملف الايراني لايزال في خانة « التصعيد الاقصى » وان هذه الحالة سوف تستمر حتى تاريخ 3 تشرين الثاني/ نوفمبر تاريخ الانتخابات الاميركية . ولربما تشهد العلاقات الثنائية او الملفات التي ترتبط بهذه العلاقات تصعيدا غير مألوف خلال الاسابيع الثلاثة المقلبة لكنه بالتاكيد سينخفض بعد هذا التاريخ بغض النظر عن اسم الفائز في السباق الانتخابي الاميركي . فاذا نجح الايرانيون في العبور بنجاح الى الرابع من  تشرين الثاني/نوفمبر فهذا يعني انهم تجاوزوا استحقاقا مهما استعدادا للدخول في استحقاق اخر وهو الانتخابات الرئاسية الايرانية التي تجرى في يونيو/ حزيران المقبل حيث يلعب الرئيس الجديد دورا مهما في المفاوضات مع الجانب الاميركي مهما كانت توجه الرئيس الايراني الجديد .