انفردت دار الشؤون الثقافية العامة باستضافة الروائي عبد الرحمن مجيد الربيعي، الخميس، بأصبوحة حفل توقيع مجموعته القصصية"سر الماء" الصادرة عن منشورات الدار، بحضور مدير عام الدار حميد فرج حمادي ومديرة النشر الدكتورة رهبة أسودي، فضلا عن نخبة من الأدباء والمثقفين والإعلاميين.
حفل التوقيع الذي اداره الإعلامي طالب كريم، أقيم في قاعة مصطفى جمال الدين، إذ تميز الحفل بالتنظيم الإداري الملفت والمتميز.
وتحدث طالب بداية قائلا: ربما، أتذكر الآن، تلك اللحظة التي وقع بين يدي اول كتاب هو "السيف والسفينة"، قراءات عذبة تحيلك إلى التجديد في القصة العراقية لجيل صاخب، يبحث عن المغايرة والمغامرة معا، تلك هي حكاية أمل تمتد من جنون أيوب لتطرق أبواب سارتر، الذي لوت عنقه الرغبة العربية في التغيير بين الوعي القومي ذاك الذي ينتحل السعال لضفاف الواقعية الاشتراكية. تجد الربيعي يقف متأملا للمشهد الثقافي العراقي وسط الاصطخاب السياسي الذي عاشه الجيل ثقباً لسؤال الامتحان، من ذا الذي سينتصر، وكيف سيكون طعم الانتصار؟
وتوقف عند جيل الستينيات وكيف أن ثمة الكثير من الإجابات، لكن الربيعي عبد الرحمن، استطاع ان يطوع فكرة التجديد، أن يطوع أحلام المغايرة، ليكون الحلم واقعاً.
وقد تساءل الإعلامي، قائلا: ما الذي يجري، وكيف له أن يؤسس جيل الاضطراب إلى حياة ترسم ما هو مغاير وخارج أطر الواقع؟، تلك لحظات أمسك بها جيل الستينيات التي كان عبد الرحمن مجيد الربيعي أعلى أعمدتها، وأخطر مجرب فيها، منذ "السيف والسفينة" استطاع الربيعي أن حطم كل الموروثات، واستطاع ان يؤسس لما هو مغاير، يمتع الأطر التقليدية غرائبية السؤال، نحن لا نجد إجابات واضحة، إجابات عاشها جيل الستينيات بتحطم ذوات الوجود الرتيب للقص العراقي.
وشارك الناقد فاضل ثامر في الحديث عن الروائي عبد الرحمن مجيد الربيعي، وقال: بأنه قاص وروائي متميز ترك بصمته الواضحة في الثقافة العراقية، وبشكل خاص في ميدان التجريب القصصي وتحديدا في مجال القصة القصيرة، نحن نعلم ان القصة القصيرة في العراق قد مرت بمراحل الريادة الاولى، وبعد ذلك انتقلت في فترة ما بين الحربين إلى مجموعة من التجارب، والاسماء، لكن النقلة الأساسية التي تحققت في القصة العراقية كانت تجربة الخمسينات، وأصبحت القصة أكثر فنية وأكثر نضجا في الجيل الجديد من الستينيات.
أما الكاتب الروائي شوقي كريم حسن، الذي كتب معظم اعماله في المسلسلات الاذاعية والتلفزيونية مثل " القمر والاسرار، الوكر، الوشم، وغيره"، فيرى أن الإنجاز الحقيقي لعبد الرحمن هو أنك تجد في كتاباته القصصية أو الروائية السهولة والتشويق، كما ليس كبعض القاصين الذين يقفون امامك عاجزين، لأنهم يبدؤون بالوصف وينتهون بالوصف من دون حتى جملة حوار واحدة.. ولكنك في أعمال عبد الرحمن ستجد المختلف.
ويشهد الناقد علوان السلمان عبر ورقته التي قدمها في الجلسة أن عبد الرحمن قد فرض وجوده روائياً أو سارداً، كما وتناولته وكتبت عنه الكثير من الدراسات النقدية والرسائل الجامعية المحلية والعربية. وان السارد قد نجح في إيجاد حالة من التوازن بين مضامين نصوصه السردية، وشكلها ولغتها فجاء بها متماسكا ثابتا.
ويمثل الروائي الربيعي عند الكاتب الروائي خضير فليح الزيدي، أيقونة عراقية مهمة.
وقال من خلال شهادته لسيرة الذكريات: إننا من مدينة واحدة هي الناصرية وتمتد علاقتي القرائية مع عبد الرحمن لفترة طويلة، وأشر الزيدي بعض الملاحظات، منها أنه في مرحلة ما يقارب الدراسة المتوسطة وبداية الإعدادية لم يكن مطلعاً بشكل كبير على الادب العراقي، إذ كانت لديه اهتمامات بالأدب العالمي، ولكن عندما وقعت في يده رواية "القمر والاسرار" حدث التغيير في توجهاته.
وقال: اعد هذه الرواية شخصيا، انتقالة مهمة لي من الحياة العامة إلى توجهي للكتابة الأدبية، لسبب بسيط، يتعلق بتأشيرها لبعض الأمكنة في مدينة الناصرية، إذ لم الحظ ما فيها إلا من خلال الرواية، لذلك أحدثت على المستوى الشخصي فاصل في حياتي، أما أن أكون كما تريد العائلة في التوجهات المستقبلية أو باتجاه اخر، لذلك أصبح لدي توجه كبير في المجال الأدبي.
والسبب الرئيس الآخر هو "كيف استثمر عبد الرحمن الاماكن التي زرتها والازقة والدروب في هذه المدينة، وكيف ان الكاتب ينتقل في المكان من زاوية خاصة وينتقل بالأدب بصيغة يشبه أن يكون فيها نوع من سحرية
المكان؟
وفي نهاية الجلسة تحدث الروائي المحتفى به عن مسيرة حياته الأدبية والشخصية، وكأنه يلقي نظرة سريعة على مشاهد وصور، لنعرف من خلال حديثه أيضاً، أننا لا نكرر بعضنا ولكننا نضيف لبعضنا.
وفي سياق سرده عن رحلة حياته الأدبية الحافلة بكثير من النتاجات توقف للحديث عن الشعر ومجاميعه الشعرية وكيف أنه من مدينة الناصرية شاعرة، وأن كل الأسماء التي ظهرت تقريبا وعرفت من هذه المدينة كانت أسماء شعراء كبيرة.
واسترجع عبد الرحمن الكثير من الأحداث والمواقف وكذلك القصص، فضلا عن مشاريعه المقبلة في الكتابة.