ما أن انجرفنا مع التطور، تعلمنا من الدول الاخرى كيف نرتدي الملابس، كيف نتعامل مع الاجهزة الالكترونية، وشراء العجلات واستيرادها، لكننا لم نتعلم اساسيات حياتنا، كيف نمشي على الرصيف، كيف لنا ان نتعلم آداب الطريق وركوب عجلات النقل العامة بنظام، فالسائق هنا مدرسة توعوية متحركة، الا أنه قد أصبح وكيلا للفوضى في التقاطعات والشوارع، ليقف في كل مكان وبأي وقت كان، بلا رقيب ولا حساب.
يقول أبو زهراء (50عاماً) ويعمل في مرأب الامة في ساحة التحرير: "هناك مرائب لم تعد تقدم خدماتها، وصار الاقبال عليها قليلا، مثل مرأبنا الذي كان يربط جانب الكرخ بالرصافة، ويحوي خطوطا تنقل المواطنين الى العلاوي والكاظمية المقدسة والدورة والشعب ومدينة الصدر من جانب الرصافة، الا أن غلق ساحة التحرير أضعف هذه الخطوط، وتحولت بعضها الى ساحة الطيران، لكنها تعمل بفوضى كبيرة، حيث تقف تلك الباصات، اما في مفترق الطرق وتقاطعاته، او مداخل الشوارع وقرب الساحات العامة".
ويلفت ابو زهراء الى ان " مرأب باب المعظم واسع ونظامي، ويربط كذلك الكرخ بالرصافة، علاوة على وجود خطوط لبعض المحافظات، قد صار خاليا الآن، بعد تحول ركابه الى شوارع باب المعظم، اذ تشهد المنطقة الازدحام والتدافع، فضلا عن ممانعة شرطة المرور في صعود الركاب الى الباص أثناء توقفه في الاماكن غير المخصصة للوقوف، لأنه يسبب زحاما، اضافة الى صراخ منتسبي نقابة النقل الخاص، ومطالبتهم بتحرك الباصات، فقد كان الأجدى بهم أن يطلبوا من سائقي تلك الباصات، الرجوع الى المرأب النظامي، والتي قبل كل هذا فهي تفتقر الى المظلات الشمسية، وكراسي لجلوس المنتظرين".
لا كمامة ولا قفاز
تتحدث سعاد علي معلمة في إحدى المدارس (35 عاما)، عن باصات النقل الخاص فتقول: "كل شيء في حياتنا تغير جراء انتشار فيروس كورونا، ولكن ليس نحو الافضل، ففي السابق كنا لا نخاف عندما يمتلئ الباص، سواء كان (كوستر او كيا)، لكن الامر اختلف الان، فعند امتلاء الباص يعني احتمالا كبيرا لنقل العدوى، وذلك لعدة اسباب، منها ان أغلب الركاب لا يضعون الكمامة ولا القفاز، مع أن الباص في ممتلئ، وهذ أمر قد يفرضه سائق الحافلة بعد خسارته الكبيرة أثناء الحظر الكلي والجزئي، ولا ينفع معه شكوى الركاب، ويقول بعدم اكتراث "الذي لا يعجبه الامر، ليركب سيارة الاجرة، فأنا لا أجبر أحدا في الصعود الى سيارتي!".
تضيف سعاد "ومع أن أغلبنا في عجلة في الوصول الى مقر عمله او السوق، فيضطر بعضنا الى الرضوخ مرغما".
وتواصل سعاد حديثها فتقول: "ليت الأمر يقف عند هذا الحد، اذ إن أغلب باصات النقل الخاص في موسم الصيف اللاهب، وبطلب من الركاب، تضطر الى فتح منظومة التبريد في العجلة، وهذا يعني ذلك غلق النوافذ مما يجعل العدوى محتملة، وقد يحتج بعض الراكبين، لكن لاحياة لمن تنادي".
محطات للوقوف
سائق أحد الخطوط الذاهبة الى باب المعظم ابو حيدر(50 عاما) يقول: "ما يربك السائق ويؤلمه أن كل واحد من الركاب يريد النزول بأقرب نقطة من منزله او مكان عمله، فأحيانا يطلب أحدهم النزول، وبعد تحريكي للعجلة سوى مسافة عدة اقدام، حتى يصيح راكب آخر (عمي نازل)، واضطر الى الرضوخ ولا أستطيع أن أقول له لماذا لم تنزل قبل لحظات، والسبب هو فوضى الصعود والنزول، بدون وجود محطات خاصة لوقوف الباصات، هذا ما يؤخرنا، فبدلا من الالتزم بأماكن النزول وهو السائد في كل دول العالم، هذا من جانب ومن جانب آخر هناك السيدات المسنات اللواتي لا يعرفن الطريق، فتقول احداهن أريد النزول بجانب الروضة، اي روضة وما اسمها او اين تقع لا تعرف، وأخرى طلبت أن تنزل أمام المصرف، سألتها ما اسم المصرف؟ قالت: "ألست سائقا ولماذا لا تعرف اسم المصرف؟"، وهناك نكته يتداولها سائقو الباصات، وهي إن إمرأة مسنة صعدت للباص، وقالت للسائق إذهب بي الى بيت ابني!"
ضابط المرور
يكثر تواجد نقاط وقوف رجال المرور في التقاطعات وفي الاماكن المزدحمة، وهم في الحقيقة يقدمون خدماتهم في اجواء البلد الحارة والباردة ايضا، حيث تكون مهمتهم تنظيم عبور العجلات والمشاة، الضابط الذي امتنع عن ذكر اسمه، وعندما طلبت منه التقاط صورة رفض معتذرا، بالرغم من أنه يعرف بمهمتي قال:" ان العقبات التي تواجه منتسبي المرور كثيرة، واهمها السرعة التي يقود بها السائق مركبته، وهم في العادة صغار السن وغير المتدربين جيدا، أما أصعب العقبات التي نعاني منها وهي ارتال المسؤولين، فهم يريدون اجتياز الشارع من دون الرضوخ الى اشارات المرور، وهذا ما يربك بقية السيارات في الوقت الذي يجب ان يلتزم سائق المسؤول باشارت المرور، ويخفف من سرعته، لا أن يظن بأنه سائق طيارة لكي يرضي سيده".
يضيف "كيف لنا أن نحاسب المواطن وهو يرى بأم عينيه، تجاوز من يقود البلد بهذا الشكل، ويرفض الالتزام بالقوانين وقواعد المرور وآداب الطريق!".