آية حسين
يعمل ابو زينب سائق أجرة، فيخرج يومياً من الصباح الباكر ولا يعود إلى المنزل، الا في منتصف الليل، وذلك ليتمكن من تأمين الاموال الكافية لدفع الايجار، وشراء المواد الغذائية، وبالرغم من انه كان يعتمد على مفردات الحصة التموينية التي توفرها الدولة لكل اسرة، الا انه اعاد حساباته بعد أن تقلصت الى اربع مواد، ومن ثم اختفت من مخازن الوكلاء.اذ يضطر ابو زينب (43 عاماً) إلى شراء المواد الغذائية من الاسواق باسعار مرتفعة، ولانه المعيل الوحيد لاسرته، فلم يجد امامه غير العمل طوال اليوم لسد الاعباء المالية التي اثقلت كاهله، وكاهل الآلاف من الاسر العراقية، في السابق كانت الحصة التموينية تعتبر صمام أمان، وخزيناً تستطيع الاسرة الاعتماد عليه، اذ تضم عشر مواد توزع في فترات منتظمة، حتى أن بعض الاسر العراقية كانت تحدد استهلاكها الشهري وتوفر فائضاً من مادة معينة، او تستبدله من خلال بيعه، فتوفر سيولة نقدية، اما الان فهي لا تضم اكثر من 4 مواد رديئة، واحياناً منتهية الصلاحية، ولا توزع بانتظام، ما يدفع المواطنين إلى تعويض النقص بشرائها من الاسواق باسعار مرتفعة، ما يؤثر بشكل خاص في الاسر الفقيرة التي لا تستطيع سد احتياجاتها، فنقص المواد الغذائية في الحصة التموينية يشكل عبئاً اضافياً عليهم، فضلاً عما يتحملونه من مصاعب الحياة.
مجبرون
يقول ابو زينب وعلامات التعب تبدو واضحة على محياه "ان الحصة التموينية التي اتسلمها شهرياً قليلة جداً، ولا تكفيني لنهاية الاسبوع، وفي كثير من الاحيان تتأخر من شهرين إلى ثلاثة اشهر، فضلاً عن رداءتها، اذ لم يكن لدينا خيار انا واسرتي غير استخدامها، حتى نتمكن من توفير الاموال لشراء المواد الاخرى غير المتوفرة".
قلة المفردات
اما المبالغ التي يتم استقطاعها من قبل الوكلاء عن توزيع المفردات الغذائية، فمرتفعة ولا تتناسب مع كمية المواد التي يتم تجهيز المواطنين بها، اذ تقول ليلى علي (36 عاماً) "كانت الحصة التموينية في السابق تشمل مواد متنوعة منها "الشاي والمعجون والصابون والبقوليات والدجاج والبيض والاجبان"، وكانت المبالغ المستقطعة رمزية، اما في الوقت الحاضر اصبحت مفردات البطاقة التموينية قليلة جداً، وتتأخر في كثير من الاحيان، وعلى الرغم من ذلك يقوم وكلاء المواد الغذائية باستقطاع مبالغ المواد الاربع، حتى ان تم تسليمنا مادة واحدة، كل ذلك في ظل انعدام الرقابة".
رداءة المنتجات
يعاني العراقيون المستفيدون من البطاقة التموينية رداءة نوعية المواد الغذائية الموزعة من قبل وزارة التجارة، اذ يوضح لنا وكيل المواد الغذائية ابو علي : "ان اغلب الاسر العراقية تطلب مني بيع مفردات الحصة التموينية بسبب رداءتها، فهي غالباً ماتكون من الدرجة الثانية او ادنى، فاقوم بشرائها مقابل مبلغ رمزي، وانا بدوري ابيعها إلى تجار في السوق".موضحاً "انا ملزم باستلام المواد الغذائية من قبل الوزارة، ولا يمكن الاعتراض عليها، لان اي اعتراض يؤدي الى سحب رخصة الوكالة".
الفساد الاداري
لم تسلم مفردات البطاقة التموينية من الفساد، فقد شُملت كما العديد من الخدمات، فمن تلاعب بمفردات الحصة التموينية من عام 2003 إلى الآن، اذ لم تفلح الوزارة في ادارة هذا الملف، يقول وكيل المواد الغذائية شاكر محمد "اواجه صعوبة بالغة في انجاز معاملات المواطنين في وزارة التجارة، وفي كثير من الاحيان اضطر إلى دفع بعض الاموال، كي اتمكن من انجازها".
ويضيف " إن الفساد الاداري يؤثر حتى في جودة المفردات، فاخبار صفقات شراء المواد غير الصالحة للاستخدام قد ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما يجعلنا متأكدين بأن الحصة التموينية باتت في غياهب النسيان، وستختفي يوماً ما".
الغاء البطاقة
كثرت الشائعات بشأن قرار الغاء البطاقة التموينية واستبدالها بمبالغ مالية، اذ تم رفضه من اغلب المواطنين لانه يؤدي الى ارتفاع الاسعار في السوق، وبالتالي يؤثر بشكل مباشر في المواطنين البسطاء، يقول محمد حسين (44 عاما) "الدخل الذي احصل عليه لا يتجاوز 20 الف دينار يومياً، اذ يذهب نصفه لايجار المنزل، وما يتبقى منه لمصاريف الاطفال والمنزل، وقرار الغاء البطاقة التموينية ودفع مبلغ مالي قليل جداً بدلها لا يكفي لتأمين المواد الغذائية لنهاية الشهر، فضلاً عن الارتفاع الكبير بأسعار المواد الغذائية في السوق الذي سيسببه هذا القرار غير المدروس بشكل صحيح".