الرقم (7)!

الصفحة الاخيرة 2020/10/23
...

حسن العاني 
لا تخرج عن كونها مفردات من مفردات الحساب والرياضيات سرعان ما أصبحت وسيلة مثيرة من وسائل السحر والسحرة، وقبل ذلك فإنها تنطوي على مصادفات غريبة تثير العجب، تلك هي (الارقام)، ولعلَّ تكرار رقم معين واطلاقه على مناسبات ومسميات لا يجمعها جامع هو الذي استوقف الانسان ودفعه الى الوهم، بأنَّ هناك سراً وراء تلك المصادفات الرقمية، وغير هذا وذاك، فقد بلغ الوهم الى الحد الذي تتفاءل فيه الناس من رقم وتتشاءم من رقم آخر!
أمر معروف لدينا اليوم، أنَّ ابن آدم يقدس الأسرار التي يجهلها، ولذلك عمد منذ آلاف السنين الى عبادة الشمس والنجوم والقمر والنار والمطر والعديد من ظواهر الطبيعة وبعض الحيوانات، مثلما نظر الى الكثير من المجهولات بعين الغيبيات، ومنحها هالة من القدسية، ومن هنا امتلكت أرقامٌ بعينها قدراً كبيراً من التعظيم والاجلال، وكان الرقم (7) في مقدمة تلك الأرقام المبجلة الى حد التقديس، وآية ذلك تكمن في الاستعمالات الكثيرة لهذا الرقم، فهو على سبيل المثال لا الحصر يمثل أيام الاسبوع، وكذلك بالنسبة للسنة التي تتألف من (52) اسبوعاً، والرقم (52) لو قمنا بتفكيكه فهو (2 + 5) = 7، وحكاية (بنات نعش) في الاساطير الشعبية، ترتبط بسبع نجمات في السماء، وعند الموت توزع الناس (الخيرات) على روح الميت في اليوم السابع على وفاته، اما في الأعراس فهناك( سبعة العروس)، حيث جرى العرف على ارتداء العروس بدلة جديدة، غير التي ارتدتها ليلة الزفة وتتزوق بأعلى درجات التزوق وتجلس وسط صاحباتها وتنتظر بفارغ الصبر قدوم الحبايب والاقارب وهداياهم، وعلى ذمة المطربة العراقية الراحلة أحلام وهبي فإن أحلى أيام العمر هي الأيام السبعة الاولى من الزواج، حيث تعدُّها على أصابعها لروعتها ودلالها وجمالها، اما بعدها، اي بعد انقضاء ايام الدلال السبعة، فلا أحد يدري حجم المصائب التي تعرضت لها!
ربما تعززت أهمية هذا الرقم في ذاكرة الناس ومعتقداتها انه ورد في الكتاب الكريم (23) مرة في العديد من السور القرآنية، والتي تناولت شتى المعاني والاشارات والقصص، من ذلك سبع سماوات وسبع سنوات وسبع سنابل وسبع بقرات وسبع من المثاني.. الخ، وفي الموروث الديني الشعبي هناك قول مأثور مفاده يأن الله أوصى بسابع جار او الجار السابع، وكانت لنا في طفولتنا لعبة تدعى (سبع حجارات) لا يتسع مجال النشر للتفصيل فيها، وثمة معتقد لا ادري مدى صحته العلمية او الطبية، وهو ان (السبيعي)، اي الطفل المولود في الشهر السابع من الحمل( يعيش بصورة طبيعية، اما اذا وُلد عن ثمانية أشهر فالراجح انه (يموت)!
بالتأكيد ما زالت في جعبتي عشرات الأمثال والحكايات والمعتقدات عن هذا الرقم، ولكنني رأيت من الأوفق أن أختم كلامي بهاتين المعلومتين المعاصرتين، الاولى هي أن هناك (7) ملايين عراقي يعيشون تحت خط الفقر، والثانية هناك (7) ملايين عراقي يقفون على أبواب (تحت خط الفقر) منذ (جائحة) كورونا، أي قبل (7) أشهر، في حين هناك (7)، بل هذا يكفي!