الانتظار من أهم اشكاليات حياتنا اليوم، وهو الوقت المهدور الذي عادة لا يتم استثماره أو تنظيمه، ولو أجرينا عمليات حسابيَّة وإحصائية لحياتنا سنجد أننا أكثر شعوب العالم من حيث خسارتها للوقت في عمليات انتظار لا فائدة منها واحياناً تنتهي بالإحباط أو الشعور بالملل. انتظار طويل وأنت مسجون داخل سيارتك وسط الزحام، وكذلك دورك في أي طابور، أو تزاحم على عيادة طبيب أو شباك موظف رسمي، لكنَّ هناك أنواعاً منه تشعرنا بالسعادة أو إحساسٍ بشيء من الأمل مثل ابتسامة الحظ لك وتحقيق أحلامك، مثلاً" عودة أحد أفراد الأسرة وهو يأتي من السفر، انتظار موعد الراتب الذي أخذ يتمدد ومعه تتمدد أيام وتحول الى انتظار مصحوبٍ بقلق.
لكنَّ أصعب حالاته عندما تراجع أية دائرة حكومية وأنت تجري معاملة رسميَّة لاستخراج وثائق أو إصدار جواز سفر أو معاملة تقاعد أو تسجيل عقاري أو أي معاملة أخرى، ستسمع كثيراً عبارة (انتظر).. أو (روح انتظر) وسترى الكثير من المنتظرين بمختلف الأعمار وهم في أسوأ حالاتهم، ومن المؤكد ستدخل الى مسامعك أنواع العبارات التي تعبر عن الإحباط والتذمر، ومن أصعب المواقف حينما تخبرك الموظفة أو الموظف بالانتظار الذي يجعلك لا تجد مكانًا مناسباً للجلوس أحياناً"، ولا تجد اهتماماً من موظف واجبه تقديم الخدمات للمواطن الذي كتب عليه الحجز، ما يدعونا الى فكرة تنظيم العملية والاستفادة من الوقت المهدور وهذا يعتمد علينا وعلى الدوائر الحكومية التي تحجز مراجعيها في سجن الترقب وتسهم في ضياع الوقت منهم.
هناك انتظارٌ يبدو أكثر أهميَّة هو ترقب الخريجين لفرصة التعيين أو العمل وهو النوع السلبي، فليس في كل الأحوال يكون الانتظار قدرنا.. إذنْ ماذا نعمل؟
المبادرة والسعي وصنع المستحيل بالأمل هو الجانب المضيء الذي يجعلنا نعمل على تطوير أنفسنا وعلى تنمية مهاراتنا وقابلياتنا. عوضاً عن الانتظار ونحن متفائلون في منح أنفسنا فرصة التعلم وكسب الوقت بعملٍ ناجحٍ وذي فائدة كبيرة..سنخرج من سجن الانتظار الى ساحات العمل لنضع بصمتنا على طريقنا الذي اخترناه لأنفسنا. وما علينا إلا أنْ نغلق أبوابه المتعبة.