سيرة وجع عراقي

ثقافة شعبية 2020/10/24
...

 ريسان الخزعلي

"سيرة وجع عراقي، محطات في تجربة الشاعر علي الشباني" تأليف ثامر الحاج أمين، صدر عن منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق 2020، يوثّق الحضور الإبداعي لهذا الشاعر المجدد، الذي منح القصيدة الشعبية الحديثة بُعداً فنيّاً جمالياً مضافاً لما جاءت به التجربة النوّابية؛ والكتاب يجيء بعد رحيل الشاعر المُبكّر ليكونَ ذاكرةَ محبةٍ ووفاء.

الشباني أصدر ستة دواوين، ثلاثة شعبية "خطوات على الماء" مشتركة مع الشاعرين عزيز السماوي وطارق ياسين، و"أيام الشمس" و"هذا التراب المُر حبيبي" وثلاثة بالفصحى "النار في المحبّة" و"للنار طعم الأرض" و"دفاتر عراقية".وفي اللونين يتقدم بخصوصيته، إلّا أن صوته في الشعر الشعبي هو الأعلى، حيث جماليات اللغة والرمز والبناء والصورة الشعرية والإحساس العميق بالطاقة الإيحائية الكامنة في مفردات اللهجة العراقية.
أحاطت فصول الكتاب بتجربة الشاعر الفكرية والثقافية والنضالية، وبرغم الجهد المبذول في إعداده، إلّا أن ملاحظات فنية كان يمكن تداركها، منها: الأخطاء الإملائية والطباعية، وضعف الإخراج الفني للمحتويات والكتاب بصورة عامة، وتكرار فقرات المتون وتداخلها، وقلّة النماذج الشعرية المختارة، وعلى القلّة فإنها لاتعكس النموذج الأعلى في شعر الشباني، فقصيدة مهمة مثل "غركَان" نُشرت ناقصة ومقطوعة عن تسلسل بنائها.
أتاح الكتاب للآخرين الإطّلاع على تجربة شاعر مجدد في القصيدة الشعبية بعد الحيف الذي لحق به نتيجة التغييب القصدي لصوته في ظل النظام الدكتاتوري، إلّا أنه تمترس بالصمت وقوّة المقاومة نضالياً وإبداعياً، متعرّضا لخسارات متلاحقة، أوجزها المؤلف بقوله: للأسف انتهى وحيداً يائساً، تخلّى عنه الصحبة والأحبّة ومَن نذرَ"أيام شمسه" لغرسهم.. وهو الذي تمثّل بقيم بالإيثار والتضحية التي شاعت في شعره وتجربته الحياتيّة:
"أحط روحي نهر.. وأكَعد جرف للناس" و"أموتن من تصَل بيّه المذلّه إو ما أصيحن لا" و"جرحي يِصَل للكَلب.. بس يستحي ايصيح".