ماذا لو فاز بايدن في الانتخابات الأمريكية ؟

الرياضة 2020/10/28
...

محمد صالح صدقيان 
 

لن يحدث تغيير جوهري في السياسة الداخلية أو الخارجية الأميركية في حال فوز الرئيس دونالد ترامب في السباق الانتخابي الرئاسي الذي يجري في الثالث من نوفمبر المقبل؛ لأن الرجل يملك برنامجا واضحا سار عليه خلال السنوات الاربع الماضية وسوف يستمر به، معززا بذلك خططه الخاصة بالداخل الاميركي، بينما سيكون متحررا اكثر في تعاطيه مع المنظمات الدولية وعلاقات بلاده الخارجية بسبب عدم وجود خطوط حمر حرص على عدم تأثيرها في حملته الانتخابية التي كانت تحد من سلوكه بعض الشيء . وفي نهاية المطاف لن نجد انفسنا ضالين في تتبع مسار السنوات الاربع المقبلة لعهده وان كانت عجافاً بالنسبة للمجتمع الدولي . 
ولكن، ماذا لو فاز المرشح الديمقراطي جو بايدن في هذا السباق؟. 
جاك سوليفان الذي شغل منصب تخطيط السياسات لوزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، وكان أحد مساعدي بايدن عندما كان نائب الرئيس، يُعتبر الآن من اللاعبين الرئيسيين في سياسة بايدن الخارجية. يصفه البعض بأنه مزيج من زبيغنيو بريجنسكي والجنرال برنت سكوكروفت مستشاري الامن القومي السابقين . هو الآن مستشار بايدن في السياسة الخارجية، ومن المحيطين به والمرشح لان يكون المستشار الأساسي في السياسة الخارجية. سوليفان رأى الشهر الماضي في محاضرة له في «المجلس الأطلنتيك » وهو يصف السياسة الخارجية التي يعتمدها بايدن، أهمية بناء القوة المحلية الاميركية وشبكتها في الشراكات العالمية في مواجهة المنافسة المتزايدة 
في الصين وروسيا. 
إن أحد الاختلافات الرئيسية بين بايدن والرئيس الحالي ترامب هو وجهتا نظريهما تجاه حلفاء أميركا، موضحاً أن بايدن يعتقد بأن الولايات المتحدة أقوى عندما تعمل جنباً إلى جنب مع حلفاء ديمقراطيين متشابهين في التفكير لتحقيق أهداف مشتركة « في حين أن ترامب يرى الحلفاء عائقاً أكثر من كونهم مصدر قوة » .
قال سوليفان، إن إدارة بايدن ستعيد التواصل مع المؤسسات الدولية، في خروج ملحوظ عن خط ترامب تجاه منظمات مثل الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة الصحة العالمية، والعمل على اصلاح وتعزيز عمل هذه المؤسسات، في الوقت الذي ستكون اولويات ادارة بايدن اعادة الانضمام الى اتفاقية باريس للمناخ ومحاولة تعزيزها . اقليميا؛ سيعمل بايدن على انجاز سحب القوات الأميركية من أفغانستان وإعادة تقييم الوضع الحالي للعلاقات الأميركية - الصينية، وإعادة الانضمام إلى « الاتفاق النووي » الإيراني لعام 2015، مشدداً على الحاجة إلى التركيز « ليس فقط على المسألة النووية، لكن العمل مع الشركاء الإقليميين في جميع المجالات للحد من التوترات وتخفيف حدة النزاعات، ونزع فتيل الأزمات غير الواعية، وهذا يعني دفع كل من أصدقائنا وخصومنا في المنطقة إلى طاولة المفاوضات ». ربما يتفق بايدن مع الرئيس ترامب في أمر واحد ، وهو التركيز على تقليص وجود القوات الأميركية بسرعة في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، لأن هناك إجماعاً واسعاً « كما يقول سوليفان » عبر الحزب الديمقراطي على الحاجة إلى إنهاء الحروب إلى الأبد ، وإن الأولوية الرئيسية لإدارة بايدن ستكون « إعادة قواتنا إلى الوطن » .
في «الأطلنتيك» تحدث سوليفان عن التعاون مع بكين وموسكو استنادا الى تجربة بايدن السابقة مع كل من القادة الصينيين والروس، والذي سيبحث عن الفرص عندما يكون في مصلحة أميركا الجلوس الى الطاولة مع روسيا، لا سيما في قضايا مثل الحد من التسليح. وفي حين أن بايدن سيسعى إلى التنافس «من موقع قوة» مع بكين، فإنه سيسعى أيضاً للعمل مع الصين وأي دولة أخرى بشأن القضايا التي تعزز الأغراض الأساسية للسياسة 
الخارجية الأميركية.
لم يتردد سوليفان في القول إن الكثير من الوسائل التقليدية التي استخدمتها الولايات المتحدة للترويج لسياستها الخارجية في حاجة ماسة إلى الإصلاح؛ كما ان مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية سوف تحتاج أيضاً إلى إعادة التفكير في الطريقة التي تسعى بها لتحقيق أهدافها، مشددا على إعادة التوازن إلى مجموعة أدوات الأمن القومي الخاصة بالولايات المتحدة بطريقة ترفع من مستوى الدبلوماسية وأدوات القوة المدنية .
يبقى الملف الاسرائيلي المهم في منطقتنا وتأثيراته الأمنية والسياسية في دول المنطقة وشعوبها ؛ فان الاسرائيليين انتهجوا سياسة لمعالجة اية مفاجآت قد تحصل في الادارة الاميركية، ولذلك فهم انتهجوا سياسة « حرق المراحل » في اقامة العلاقات مع بعض الدول العربية تحسبا لأي طارئ لمواجهة المشروع الايراني الذي قد يختلف تنفيذه في حال فوز بايدن، الذي كتب مقالة في مجلة الفورن افيرز بعد انتهاء ولاية الرئيس باراك اوباما عام 2016 ، يمكن أن تكون المرشد له في سياسته الخارجية قال فيها: « إن النظرة الواقعية للسياسة الدولية غالباً ما تتطلب العمل مع أولئك الذين لا توجد لدينا تعاملات مباشرة معهم… فطهران ليست صديقاً ولكنها ليست عدواً » .