ناجون من الجائحة يتحدثون عن تجربتهم

اسرة ومجتمع 2020/10/30
...

  بغداد: الصباح

 
 
 
لم تخجل الموظفة وسن عبد العزيز من الإعلان عن إصابتها بفيروس كورونا، فقد حرصت على إبلاغ جميع من كانت على صلة مباشرة معهم خلال الايام التي سبقت اكتشاف الإصابة، وبينهم زملاؤها في العمل وأقاربها وجيرانها على أمل ألا تكون قد نقلت العدوى إلى أي شخص وأنْ يتدارك من كانت على اتصال مباشر معه خطر الإصابة.
عانى معظم المصابين بفيروس كورونا من النظرة السلبية تجاههم، ما زاد معاناتهم النفسية التي أضافت عبئاً آخر لآلامهم الجسدية وخلق حالة من العزلة الشخصية حتى ما بعد الشفاء من هذا الفيروس.
«ما ذنب من أصيب بهذا الوباء ليدمر نفسياً من قبل من حوله؟» يتسائل الدكتور أحمد الذهبي أستاذ علم النفس في جامعة بغداد ويجيب عن تساؤله قائلاً: «تساؤلات كثيرة تحتاج إلى أجوبة بسبب ما نراه من تصرفات البعض ضد من يصاب بفيروس كورونا الذي تبدا خطورته بالنظرة السلبية للحالات المصابة، إذ يواجه كثيرٌ من المصابين وأسرهم حالات تنمّر بوصفهم مصدراً للعدوى ويجب عزلهم وتجنّبهم رغم أنَّ كل الحقائق تؤكد أنَّ الإصابة بـالفيروس أمر يمكن أنْ يتعرّض له أي شخص في أي وقت. ويعزو الذهبي ذلك الى «قلة الادراك والوعي المجتمعي الذي جعل من المواطنين غير قادرين على عدم تقبل المصاب، وأصبحت نظرتهم الى المرض ولكل من يصاب به سلبية، إضافة إلى فرض عزلة اجتماعية على المصاب والتهرب منه». تقول عبد العزيز بنبرة صوت تحمل الكثير من الأسى: «لم تؤثر فيَّ صحياً أعراض كورونا بقدر ما شعرت به من ألم بسبب تصرفات البعض ونظرة الرعب والخوف التي كنت أراها في أعينهم حتى عندما شفيت تماماً وعدت الى عملي لم أسلم من تلك النظرات، وكنت في لحظات معينة أشعر بالندم وألوم نفسي على إعلاني لإصابتي».
 
الضغط النفسي
بدوره، أوضح طبيب الأسرة والمجتمع، الدكتور أحمد الرديني، في حديثه لـ»الصباح» أنَّ «النظرة السلبية تجاه مصابي كورونا كانت في بداية انتشار الوباء ثقلاً كبيراً وضغطاً نفسياً على المرضى وأسرهم حتى أنهم لم يبلغوا أحداً بإصابتهم بالفيروس، إلا أنها الآن أصبحت أقل حدة، على اعتبار أنَّ نسبة الوفيات انخفضت في العراق، كما أنَّ حالات الإصابة أصبحت أقل شراسة من الإصابات الأولى».وأضاف الرديني «عملت الكثير من الدول في بداية الجائحة ومن بينها العراق على تقليل الضغط النفسي عن المريض من خلال الإعلان عن نسب شفاء عالية وإعطاء نتائج مفرحة، كما أنَّ العزل المنزلي كان له دورٌ كبيرٌ في التقليل من هذا الضغط.. وأعتقد أننا تجاوزناها بشكلٍ كبيرٍ الآن بعد مرور كل هذا الوقت على بداية انتشار الفيروس».
 
مسؤوليَّة
ولا بُدَّ من الإشارة الى أنَّ لمنظمات المُجتمع المدني ومواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام دوراً مهماً في توعية وتثقيف المجتمع في مثل هذه الأزمات 
من خلال إعداد البرامج وعقد الندوات عن كيفيَّة التعامل مع المصابين بهذا الوباء أو الملامسين لهم، وكيف 
يكون المجتمع على مستوى عالٍ من المسؤولية والإنسانية في التعامل مع المصابين وخصوصاً الجيران ومساعدتهم نفسياً ومواساتهم وتقديم الدعم والإسناد النفسي لهم». هذا ما أكدت عليه الممرضة 
والناشطة المدنية بلقيس حسن عباس خلال حديثها لـ«الصباح»، مشددة على «ضرورة التخلي عن النظرة الضيقة تجاه مصابي كورونا وعدم التعرض لهم بالإساءة وإيذائهم نفسياً لكون ذلك يشعره بالألم وبانعدام المساندة النفسية التي تساعده في تخطي أزمة المرض».
واختتمت عبد العزيز حديثها بالقول: «قد استغرق الكثير من الوقت لأعود الى حياتي الطبيعيَّة وأستعيد ثقتي بنفسي والسبب كورونا ونظرة المجتمع تجاه المصابين».