نجوتُ ولكن!

اسرة ومجتمع 2020/10/30
...

نورا خالد
لم أعتقد يوماً أنَّ فيروس كورونا سيتسلل إلى بيتي على غفلة، فقد كان كل من فيه، صغيرهم قبل كبيرهم يتخذون جميع التدابير اللازمة للوقاية من جائحة (كوفيد – 19). 
حرصنا الشديد بالتعليمات من حيث التعقيم وارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي بمسافة متر وأكثر مع من نتحدث معهم لم تقف حائلاً أمام الفيروس.
بدأت الأعراض في الأيام الثلاثة الأولى خفيفة بعض الشيء، لتشتد حدتها في الأيام التالية، لم نرتعب ولم نخف بل تقبلنا الواقع بكل «أريحيَّة» وبدأنا بأخذ العلاج بانتظام مع الالتزام بعدم الخروج من البيت، وكان لخدمة الدليفري الفضل الكبير في توفير احتياجاتنا ونحن داخل الحجر المنزلي.
كانت مهمتي الأولى كأم رغم إصابتي بالفيروس هي الاهتمام بأفراد أسرتي ومراقبتهم حتى أثناء نومهم وتوفير كل ما يلزمهم، وحاولت بكل جهدي أنْ أبدو طبيعيَّة ولا أعاني من شيء، ليس لأمثل دور البطولة وإنما هكذا تبدو شخصيتي خلال الشدائد والأزمات التي تصيبني، فكان هدفي هو بث روح الأمل والتفاؤل ومحاولة التجنب في الوقوع فريسة للخوف والفزع والوسواس، لنتجاوز الأزمة فكما سمعت أنَّ الحالة النفسيَّة للمصاب هي نصف العلاج إنْ لم تكن العلاج نفسه، وهذا ما اكتشفته فعلاً وأنصح به الجميع.
لم أتردد في إعلان إصابتي بفيروس «كورونا»، ولم أتوان للحظة واحدة عن إبلاغ الأصدقاء والأقرباء لأكسر بيني وبين نفسي حالة «التنمر» في نظرة المجتمع لمصابي كورونا بسبب قلة وعيهم تجاه المرض رغم أنه كغيره من الأمراض ويمكن أنْ يصاب به أي شخص ولا يعرف من أين جاءت له العدوى.
كان مجموعة من الزملاء دائمي التواصل معي بشكلٍ يومي على مدار فترة الإصابة، وحاولوا بكل جهد أنْ يقدموا لي المساعدة بأي شكلٍ من الأشكال، عكس البعض منهم الذي لم يكلف نفسه الاتصال بي والاطمئنان على حالتي وكأنَّ عدوى الفيروس تنتقل عبر أثير الهاتف، كانت لهذه التصرفات البسيطة الأثر الكبير في نفسيتي لمقاومة المرض التي لم تكن الحرب معه سهلة أبداً.
فشعور الإنسان في ساعة المرض أنَّ له أصدقاءً حقيقيين يجدهم قربه وهو في أمس الحاجة لهم، يترك الكثير من الأثر في النفس ويشعره أنَّ هناك فعلاً من يستحق أنْ يطلق عليه اسم صديق.
كورونا كابوس تجاوزته، ولكن متى نتجاوز نظرة المجتمع القاصرة تجاه من يصاب به؟